أثارت خسارة نادي برشلونة، بطل الليغا، أمام فياريال في الجولة قبل الأخيرة من منافسات الدوري الإسباني لموسم 2025 جدلاً واسعاً في الأوساط الكروية.
جاءت هذه الهزيمة، وهي الأولى للفريق محلياً بعد خمسة أشهر كاملة من النجاحات المتتالية، في وقت حسم فيه فياريال مقعده المؤهل لدوري أبطال أوروبا بفضل هذا الفوز.
هذا السيناريو، حيث يستفيد فريق بشكل حاسم من نتيجة مباراة أمام فريق آخر ضمن اللقب بالفعل، أعاد إلى الأذهان وقائع مشابهة، أبرزها ما حدث قبل عقد من الزمان أمام ديبورتيفو لاكورونيا، مما يطرح تساؤلاً مشروعاً، هل كان هناك تراخٍ متعمد من جانب برشلونة، أم أن الأمر لا يعدو كونه نتيجة طبيعية لمباراة تحصيل حاصل بالنسبة للبطل؟
سياق المباراة وتداعياتها
دخل برشلونة المباراة وهو بطل متوج، قد حسم لقب الليغا بالفعل؛ ما جعل اللقاء بالنسبة له أقرب إلى الاحتفالية وتأدية الواجب.
على النقيض تماماً، كانت المباراة بالنسبة لفياريال بمثابة نهائي، حيث كان الفوز يضمن له التأهل المباشر إلى دوري أبطال أوروبا، بغض النظر عن نتيجة ملاحقه ريال بيتيس، الذي خسر في التوقيت نفسه.
ورغم أن خسارة بيتيس كانت ستمنح فياريال بطاقة التأهل في كل الأحوال، إلا أن تزامن المباريات جعل فوز "الغواصات الصفراء" ضرورياً لحسم الأمور بشكل فوري وتجنب أي حسابات معقدة.
هذه الخسارة هي الأولى لبرشلونة تحت قيادة المدرب هانزي فليك في الدوري المحلي خلال عام 2025 بعد سلسلة مذهلة من الانتصارات دامت خمسة أشهر، اكتسح خلالها الفريق الكتالوني جميع منافسيه؛ ما جعل الهزيمة أكثر بروزاً، وأثار تكهنات حول مدى جدية الفريق في خوض اللقاء.
الواقعة التاريخية المشابهة: برشلونة وديبورتيفو لاكورونيا 2015
يعيد هذا الموقف إلى الأذهان ما جرى في نهاية موسم 2014-2015، وقتها، كان برشلونة تحت قيادة لويس إنريكي قد حسم لقب الدوري بالفعل قبل الجولة الأخيرة التي جمعته بديبورتيفو لاكورونيا، الذي كان يصارع من أجل البقاء ويحتاج إلى نقطة واحدة على الأقل لتفادي الهبوط.
تقدم برشلونة بهدفين نظيفين، قبل أن يتمكن ديبورتيفو من تعديل النتيجة إلى 2-2 في الدقائق الثلاثين الأخيرة من المباراة، ليضمن بقاءه في دوري الأضواء.
زادت الشكوك حول تلك المباراة بعد تصريحات ألبرتو لوبو، مدافع ديبورتيفو لاكورونيا آنذاك، الذي كشف في وقت لاحق أنه تحدث مع تشافي هيرنانديز، قائد برشلونة في الملعب حينها، وطلب منه أن "يهدئ فريقه اللعب قليلا".
ورغم أن التحقيقات لم تسفر عن إدانة واضحة، إلا أن الواقعة ظلت عالقة في الأذهان كنموذج للمباريات التي تحوم حولها شبهات التراخي من قبل الفريق الذي لا يلعب من أجل هدف محدد.
تحليل الموقف: بين الاتهام والتبرير
في حالة مباراة فياريال الأخيرة، يرى البعض أن برشلونة ربما لم يبذل قصارى جهده، خاصة وأن الفوز لم يكن ليشكل أي فارق في ترتيبه أو إنجازاته هذا الموسم، قد يكون هناك شعور بأن الفريق لعب "بهدوء"، وأن الأجواء الاحتفالية التي سبقت اللقاء طغت على الروح التنافسية المعهودة.
في المقابل، هناك حجج قوية تنفي تعمد الخسارة، أولاً، السمعة الاحترافية للاعبين والمدرب تقتضي تقديم أفضل أداء ممكن بغض النظر عن الظروف. ثانياً، تشكيلة المدرب فليك لم تشهد إراحة كاملة للعناصر الأساسية؛ ما يوحي بوجود نية للمنافسة.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت المباراة تقلبات في النتيجة، ما يدل على وجود رغبة في القتال من جانب لاعبي برشلونة في بعض فترات اللقاء، حتى وإن لم تكلل بالنجاح في النهاية بسبب خطأ أو أكثر من الدفاع وحارس المرمى مارك أندريه تير شتيغن.
خلاصة
من الصعب الجزم بشكل قاطع بأن برشلونة تعمد الخسارة أمام فياريال، والأرجح أن الفريق، بعد حسمه اللقب، وإرهاق موسم طويل، دخل المباراة بروح أقل قتالية وبتركيز منخفض مقارنة بالمباريات الحاسمة التي خاضها سابقاً، سواء في الكلاسيكو أمام ريال مدريد أو في المواجهات التي ضمنت له اللقب. إنها طبيعة بشرية أن ينخفض الدافع عندما لا يكون هناك هدف كبير على المحك.
لذلك، يمكن القول إن برشلونة لم يتعمد الهزيمة بالمعنى الحرفي للتلاعب بنتيجة المباراة، ولكن من الوارد جداً أنه لم يكن بالحرص المعتاد نفسه على تحقيق الفوز، خاصة وأن المباراة لم تكن تعني له شيئاً على صعيد الألقاب أو الترتيب، بينما كانت تعني الكثير لخصمه الذي تضاعفت دوافعه بسبب كونه على المحك.