لطالما كانت جائزة الكرة الذهبية، التي تُمنح لأفضل لاعب كرة قدم في العالم، محوراً للجدل والنقاشات الحادة، ورغم قيمتها الكبرى، فإن تاريخها مليء بالقرارات المثيرة للدهشة والتي اعتبرها الكثيرون "سرقات" غير مستحقة، حرمت نجوماً قدموا مواسم استثنائية من التتويج بالجائزة الفردية الأهم.
وفي قلب العديد من هذه الجدليات، يظهر اسم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي استفاد في أكثر من مناسبة من قرارات أثارت حفيظة المتابعين، ليصبح الرمز الأبرز لهذه الخلافات التاريخية.
ويسلي شنايدر (2010): ثلاثية تاريخية لا تكفي
يُعد عام 2010 المثال الصارخ والأكثر شهرة في تاريخ الجائزة، قاد النجم الهولندي ويسلي شنايدر فريقه إنتر ميلان الإيطالي لتحقيق ثلاثية تاريخية (الدوري الإيطالي، وكأس إيطاليا، ودوري أبطال أوروبا)، وكان العقل المدبر للفريق تحت قيادة جوزيه مورينيو.
لم يكتفِ شنايدر بذلك، بل وصل مع منتخب بلاده إلى نهائي كأس العالم في جنوب أفريقيا، وسجل خمسة أهداف، رغم كل هذه الإنجازات الجماعية والفردية الحاسمة، ذهبت الجائزة بشكل مفاجئ إلى ليونيل ميسي الذي لم يفز في ذلك العام سوى بلقب الدوري الإسباني، في قرار لا يزال يوصف بأنه أكبر ظلم في تاريخ الجائزة.
أندريس إنييستا (2010 و2012): مهندس الجيل الذهبي
في العام ذاته، كان أندريس إنييستا مرشحاً فوق العادة، فهو لم يكن فقط عنصراً أساسياً في برشلونة، بل سجل هدف الفوز التاريخي الذي منح إسبانيا لقب كأس العالم للمرة الأولى.
وفي عام 2012، قاد إنييستا منتخب "لاروخا" للفوز ببطولة أمم أوروبا للمرة الثانية على التوالي، وتم اختياره كأفضل لاعب في البطولة، ومع ذلك، في كلا المناسبتين، ذهبت الجائزة لميسي الذي تفوق بفضل أرقامه التهديفية الفردية الخارقة، متجاهلة تأثير إنييستا الحاسم في تحقيق ألقاب كبرى على الساحة الدولية.

فرانك ريبيري (2013): ضحية تمديد التصويت
قدم الفرنسي فرانك ريبيري موسمًا أسطوريًّا في 2013، حيث كان النجم الأول لبايرن ميونخ الذي سحق خصومه محليًّا وأوروبيًّا، محققًا الثلاثية: (الدوري الألماني، وكأس ألمانيا، ودوري أبطال أوروبا).
كان ريبيري المرشح الأوفر حظًّا، لكن في سابقة غريبة، تم تمديد فترة التصويت على الجائزة، وهي الفترة التي شهدت تألقًا فرديًّا لافتًا للبرتغالي كريستيانو رونالدو مع ريال مدريد.
هذا التمديد صب في مصلحة رونالدو الذي فاز بالجائزة رغم عدم تحقيقه أي لقب جماعي كبير، بينما حل ريبيري ثالثًا في صدمة كبيرة، واصفًا ما حدث لاحقًا بأنه "سرقة" و"قرار سياسي".
روبرت ليفاندوفسكي (2020): الجائحة تلغي الحلم
شهد عام 2020 أفضل موسم في مسيرة المهاجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي على الإطلاق، قاد بايرن ميونخ لتحقيق سداسية تاريخية، وكان هدافًا لكل البطولات التي شارك فيها.
بدا تتويجه بالكرة الذهبية مسألة وقت لا أكثر، لكن مجلة "فرانس فوتبول" قررت إلغاء الجائزة في ذلك العام بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا، في قرار وُصف بالظالم، حيث حُرم ليفاندوفسكي من تتويج فردي مستحق بالإجماع، ولم تعوضه الجوائز الأخرى التي نالها لاحقًا.
إيرلينغ هالاند (2023): الثلاثية تخسر أمام كأس العالم
تكرر سيناريو الإنجازات الجماعية مقابل التألق الفردي في 2023، قاد المهاجم النرويجي إيرلينغ هالاند فريقه مانشستر سيتي لتحقيق ثلاثية تاريخية (الدوري الإنجليزي، وكأس الاتحاد الإنجليزي، ودوري أبطال أوروبا) في موسمه الأول، محطمًا الأرقام القياسية التهديفية في الدوري الأقوى في العالم.
ورغم موسمه الخارق، ذهبت الجائزة للمرة الثامنة إلى ليونيل ميسي، الذي كان إنجازه الأبرز هو الفوز بكأس العالم 2022 مع الأرجنتين، ليُطرح مجددًا السؤال الأبدي: هل الكرة الذهبية جائزة لأفضل لاعب في الموسم، أو لأصحاب الإنجازات الكبرى في البطولات المجمعة؟.
