لماذا انقلب كريستيانو رونالدو على النصر؟

تواترت في الآونة الأخيرة تقارير صحفية تشير إلى وجود حالة من التوتر بين الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو وإدارة نادي النصر السعودي. 

تتحدث هذه التقارير عن تململ من جانب اللاعب، ومماطلة في مفاوضات التجديد المحتملة لعقده الذي يقترب من نهايته، ووجود طلبات محددة لديه، فضلاً عن تكهنات بوجود عروض قد تدفعه لمغادرة أسوار "العالمي". 

وفي حال صحت هذه الأنباء، يبرز تساؤل مشروع، هل يملك كريستيانو رونالدو مبررات لهذا "الانقلاب" المزعوم على النصر؟ لنستعرض بعض النقاط التي قد تشكل أساساً لوجهة نظر اللاعب، مع الأخذ في الاعتبار أننا نتحدث عن فرضيات مبنية على ما يتم تداوله.

 

 

1. تضاعف المواسم الصفرية وتأثيرها على إرثه

من المعروف أن كريستيانو رونالدو هو لاعب مرادف للألقاب والإنجازات، قبل انتقاله إلى النصر، وخلال مسيرة امتدت لعقدين، لم يمر "الدون" إلا بثلاثة مواسم يمكن وصفها بـ"الصفرية" على صعيد البطولات الكبرى (الدوري المحلي، الكأس الرئيسة، أو البطولة القارية). 

ولكن مع النصر، يبدو أن هذا الرقم مرشح للزيادة بشكل ملحوظ، ففي موسمه الأول (النصف الثاني من 2022-2023)، لم يتمكن الفريق من تحقيق أي من الألقاب المحلية الكبرى.

وفي موسم 2023-2024، ورغم التتويج بكأس الملك سلمان للأندية العربية، وهو إنجاز يحسب للفريق، إلا أن الألقاب الأكثر أهمية مثل دوري روشن السعودي وكأس خادم الحرمين الشريفين ودوري أبطال آسيا للنخبة لم تكن من نصيب النصر، وتكرر الأمر في الموسم الجاري. 

تكرار الخروج دون ألقاب كبرى قد يمثل خيبة أمل كبيرة للاعب اعتاد منصات التتويج، ويرى أن سنواته الأخيرة في الملاعب يجب أن تكون مليئة بالذهب.

2. وعود الدعم ومحدودية التأثير على أرض الواقع

لا شك أن انضمام رونالدو للنصر كان مصحوبا بوعود كبيرة بتعزيز صفوف الفريق بلاعبين من الطراز الرفيع لمساعدته على تحقيق الأهداف المنشودة.

وبالفعل، شهد صيف 2023 انضمام أسماء كبيرة، ومع ذلك، قد يرى رونالدو أن هذا الدعم لم يكن كافيا أو بالفعالية المطلوبة لمنافسة فرق أخرى، خصوصا الغريم التقليدي الهلال الذي قام بتعزيزات ضخمة مكنته من السيطرة على المشهد المحلي والقاري بشكل لافت في موسم 2023-2024، وهو ما تكرر مع الاتحاد بعد ذلك والأهلي أيضا.

الشعور بأن فريقه لا يزال يفتقر إلى بعض العناصر الحاسمة أو العمق الكافي للمنافسة على كل الجبهات حتى النهاية، قد يكون محبطا للاعب بقيمة وخبرة رونالدو الذي يطمح دائما للأفضل.

 

 

3. "تشويه" المسيرة المثالية بالخروج دون إنجازات كبرى معتادة

يفتخر رونالدو بأنه حقق إنجازات كبرى مع كل الأندية التي لعب لها (مانشستر يونايتد، ريال مدريد، يوفنتوس)، حيث فاز بالدوريات المحلية والكؤوس وحتى دوري أبطال أوروبا. 

ورغم فوزه بالبطولة العربية مع النصر، فإن غياب الألقاب الأكثر شهرة عالميا (الدوري المحلي الرئيس أو البطولة القارية الأهم) قد يمثل نقطة سلبية في مسيرته الأسطورية من وجهة نظره. 

أن يصبح النصر، هو النادي الذي لم يحقق معه رونالدو ما اعتاد على تحقيقه من بطولات كبرى، قد يُنظر إليه كـ"تشويه" لسجل مثالي يسعى للحفاظ عليه حتى الرمق الأخير.

 

 

4. الاتهامات والانتقادات في ظل غياب الألقاب

مع غياب الألقاب الكبرى للفريق، غالبا ما تتجه سهام النقد نحو النجوم الكبار. رونالدو، رغم أرقامه التهديفية المميزة مع النصر، لم يسلم من اتهامات بأنه يلعب من أجل تعزيز أرقامه الشخصية أكثر من مصلحة الفريق، أو بأنه بات يفتقد للتأثير الحاسم في اللحظات المهمة.

هذه الاتهامات، سواء كانت محقة أم لا، قد تكون مؤلمة للاعب بحجمه، خاصة إذا شعر أنه يقدم كل ما لديه ولكن المنظومة ككل لا ترتقي لمستوى الطموح؛ ما يجعله كبش فداء سهلا في نظر بعض المحللين والجماهير.

ختاما، إذا كانت التقارير حول تململ رونالدو صحيحة، فإن هذه العوامل مجتمعة: تزايد المواسم المخيبة للآمال، والشعور بعدم كفاية الدعم لتحقيق طموحاته العليا، والقلق على إرثه الكروي، والضغوط والانتقادات المصاحبة لغياب البطولات، قد تقدم تفسيراً منطقياً لموقفه. 

يبقى كريستيانو رونالدو لاعباً يضع الفوز نصب عينيه، وأي شيء أقل من ذلك قد يدفعه لإعادة تقييم خياراته، خاصة مع اقتراب مسيرته من نهايتها.