في ظل الحراك المستمر داخل أروقة النادي الأهلي السعودي لتدعيم صفوف "الراقي" بصفقات من العيار الثقيل، يبرز اسم النجم الفرنسي أنطوان غريزمان كأحد أهم الحلول المقترحة على طاولة المفاوضات.
ورغم أن الحديث الجماهيري ينصب غالباً على بريق الاسم وشهرته العالمية، فإن النظرة الفنية المتفحصة تكشف أن التعاقد مع غريزمان ليس ترفاً، بل هو قطعة البازل المفقودة التي يحتاجها الأهلي بشدة لعلاج خلل تكتيكي واضح ظهر جلياً في النصف الأول من الموسم.
إذا تمت الصفقة، فإن النجم الفرنسي لن يأتي مجرد مهاجم إضافي، بل سيأتي كحل جذري لأربع معضلات فنية تؤرق مدرج "الراقي".
1. الحلقة المفقودة.. ترميم الشرخ بين الوسط والهجوم
يعاني الأهلي تكتيكياً في كثير من المباريات من عزلة المهاجم الصريح سواء كان إيفان توني أو فراس البريكان عن لاعبي الارتكاز. نرى الكرة تدور كثيراً في الخلف أو الأطراف دون اختراق عمقي حقيقي.
هنا تكمن عظمة غريزمان؛ فهو ليس مهاجماً كلاسيكياً ينتظر الكرة، بل أفضل لاعب في العالم يجيد دور الرابط.
غريزمان يمتلك قدرة استثنائية على اللعب بين الخطوط، إذ يسقط لاستلام الكرة من المحاور، ويسلمها للأجنحة أو المهاجم بلمسة واحدة تكسر تكتلات الخصوم، وجوده سيعني نهاية مشكلة العقم في صناعة اللعب من العمق التي جعلت هجوم الأهلي متوقعاً في كثير من الأحيان.
2. سلاح الكرات الثابتة.. الكنز المهدر
في كرة القدم الحديثة، تُحسم مباريات الديربي والكلاسيكو بالتفاصيل الصغيرة، وأهمها الكرات الثابتة. يفتقد الأهلي حالياً المتخصص العالمي الذي يضمن خطورة دائمة من الركنيات أو المخالفات القريبة من منطقة الجزاء.
الساحر الفرنسي يمتلك قدماً يسرى لا تخطئ، سواء في التنفيذ المباشر للمرمى أو في إرسال العرضيات المقوسة بالمقاس على رؤوس المدافعين والمهاجمين. التعاقد معه يعني أن كل ركلة حرة أو ركنية للأهلي ستتحول إلى نصف هدف محقق، وهو سلاح حيوي غاب عن الراقي لفترات حتى في وجود محرز.
3. الجنرال.. ضبط الإيقاع والقيادة الصامتة
يعيب أداء الأهلي أحياناً التسرع وفقدان البوصلة تحت الضغط العالي، خاصة في المباريات الكبرى. الفريق يمتلك نجوماً، لكنه يفتقد للعقل المدبر الذي يعرف متى يهدئ اللعب ومتى يسرع الرتم.
غريزمان، بخبرته كبطل للعالم وقائد لخط هجوم أتلتيكو مدريد وبرشلونة لسنوات، يمتلك نضجاً تكتيكياً مرعباً. هو لاعب يعرف كيف يمتص حماس الخصم، وكيف يوجه زملاءه داخل الملعب دون صراخ. وجوده سيمنح وسط وهجوم الأهلي ثقة وهدوءاً افتقدهما الفريق في اللحظات الحرجة هذا الموسم.
4. اللامركزية.. مفتاح الحرية لمحرز ورفاقه
لعل المستفيد الأكبر من قدوم غريزمان سيكون الجناح الجزائري رياض محرز، الأسلوب الحالي للأهلي قد يجعل محرز محاصراً بأكثر من مدافع لأنه مصدر الخطورة الأبرز.
وجود غريزمان وتحركاته اللامركزية المستمرة (يمين، يسار، وعمق) سيخلق فوضى منظمة في دفاعات الخصوم. غريزمان سيسحب المدافعين معه لعمق الملعب أو للجهة العكسية، مما سيخلق مساحات شاسعة لمحرز وغيره من نجوم الأهلي السعودي للاختراق والتسجيل. إنها الشراكة التي يحلم بها الجمهور: عقل فرنسي يخطط، وقدم جزائرية تنفذ.

الخلاصة
أنطوان غريزمان ليس مجرد صفقة تسويقية للدوري السعودي، بل هو ترقيع فني ذكي جداً لثقوب واضحة في تكتيك الأهلي، إذا نجحت الإدارة في جلبه، فإننا سنكون أمام نسخة مرعبة من "الراقي" لا تعتمد فقط على المهارات الفردية، بل على منظومة جماعية يقودها مايسترو يعرف من أين تؤكل الكتف.