لا ينبغي لأحد أن ينخدع ببريق النتيجة، ولا أن تحجب النقاط الثلاث حجم الهفوات الفنية التي شابت الأداء في الملعب، فصحيح أن الأهلي السعودي تجاوز عقبة الفيحاء بثنائية نظيفة واستعاد نغمة الانتصارات، إلا أن القراءة المتأنية لمجريات الدقائق التسعين تكشف حقيقة مقلقة.
"الراقي" عانى من اختناق تكتيكي واضح في فترات عديدة، وترك للفيحاء فرصة الإمساك بزمام المباراة والاقتراب من التعادل لولا غياب التوفيق وتألق الحارس.
هذا الأداء الهزيل، إذا ما تكرر أمام خصم بوزن وشراسة النصر، فإن العواقب ستكون وخيمة.
الفوز قد يمنح الثقة، لكنه هنا جاء محملاً بـ5 مؤشرات مرعبة يجب على المدرب ماتياس يايسله تداركها فوراً قبل الموقعة المنتظرة.
1- الانكماش المبكر والتراجع غير المبرر
بدأ السيناريو مثالياً بهدف مبكر لإيفان توني في الدقيقة السادسة، وهو ما كان يجب أن يمنح الفريق سطوة ميدانية. لكن، وبشكل غير مفهوم، قرر الفريق التراجع للخلف وتسليم وسط الملعب للخصم.
هذا التراجع المبكر قد يمر بسلام أمام الفيحاء، لكن تكرار هذا السيناريو أمام النصر وترسانته الهجومية يعد بمثابة انتحار كروي، استدعاء ضغط المنافس إلى مناطقك الخلفية مبكراً يعني حكماً بالإعدام على دفاعاتك في الكلاسيكو.
2- هشاشة المنظومة الدفاعية أمام المرتدات
لعل أخطر ما أفرزته المباراة هو سهولة اختراق دفاعات الأهلي. لقد شكلت مرتدات الفيحاء حالة من الذعر الحقيقي، وشاهدنا اختراقات من العمق والأطراف بلمسات بسيطة ضربت الخط الخلفي بأكمله.
التساؤل المشروع هنا: إذا كان فريق بإمكانيات الفيحاء نجح في تهديد المرمى مراراً، فماذا سيفعل كريستيانو رونالدو وجواو فيليكس وغيرهما؟ التنظيم الدفاعي في التحولات كان كارثياً، والمساحات خلف الأظهرة كانت مستباحة.
3- رعونة قتل المباراة وإهدار الفرص
في عالم كرة القدم، لا أمان للنتيجة المعلقة. تعامل لاعبو الأهلي برعونة غريبة أمام المرمى بعد الهدف الأول، مفرطين في فرص سانحة لتعزيز النتيجة وإنهاء اللقاء مبكراً (قتل المباراة).
هذا الاستهتار منح الفيحاء الأمل والجرأة للبقاء في أجواء اللقاء حتى الدقيقة الـ64. أمام الفرق الكبيرة، أنصاف الفرص هي التي تحسم البطولات، وهذه الرعونة قد يكون ثمنها باهظاً جداً في الكلاسيكو.
4- الثقب الأسود في وسط الميدان
ظهر وسط ميدان الأهلي عاجزاً عن الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط، معدل التمريرات الخاطئة وفقدان الاستحواذ كان مرتفعاً بشكل غير مقبول.
كان الفيحاء ينجح في افتكاك الكرة والتحول للهجوم بسلاسة، لأن خط الوسط لم ينجح في التحكم برتم اللعب أو تهدئته حينما اشتد الضغط. معركة الكلاسيكو تُحسم في الوسط، وهذا الأداء ينذر بمعاناة كبيرة للأهلي في الخروج بالكرة من مناطقه أمام وسط النصر القوي.
5- الاعتماد المفرط على الحلول الفردية
لولا الفاعلية الفردية لإيفان توني، ويقظة الحارس عبد الرحمن الصانبي في التصدي للكرات الخطيرة، لتغيرت نتيجة المباراة تماماً.
الرهان على أن يقتنص توني هدفاً من لا شيء، أو أن يواصل الحارس إصلاح أخطاء المدافعين، ليس خطة تكتيكية بل مغامرة.
الفريق بحاجة إلى منظومة جماعية متماسكة تهاجم وتدافع ككتلة واحدة، فالكلاسيكو يتطلب فريقاً متكاملاً لا مجرد ومضات فردية.
الخلاصة
حصد الأهلي النقاط الثلاث، لكنه خسر هيبته الفنية في أوقات كثيرة من اللقاء. مباراة الفيحاء كانت بروفة كشفت عورات الدفاع الأهلاوي بوضوح، والرسالة التحذيرية باتت صريحة: الأداء بهذا الشكل أمام النصر لن يكون كافياً للصمود.