يعيش نادي النصر السعودي حالة من الانفصام الفني الغريب هذا الموسم تحت قيادة البرتغالي جورجي جيسوس في مفارقة تكتيكية لافتة.
الفريق في بطولة الدوري يبدو وكأنه قطار لا يتوقف، محققاً العلامة الكاملة بـ10 انتصارات من 10 مباريات، ومثله في القارة الآسيوية حيث يسير بخطى الواثق.
ولكن، حينما تُعزف ألحان خروج المغلوب، يتحول هذا المارد إلى جسد هش يستقبل الصدمات، وهو ما يطرح التساؤل الأهم: ما هي تلك الثغرة التي قد تحول الموسم من تاريخي إلى كارثي؟
لغز النفس الطويل وعقدة الـ90 دقيقة
المتأمل في نتائج النصر يجد تناقضاً مرعباً؛ الفريق يمتلك نفسا طويلا مكنه من تصدر الدوري بفارق مريح، حيث يعتمد جيسوس على منظومة هجومية شرسة وضغط عال يخنق المنافسين بالنقاط.
لكن في مباريات الكؤوس، سقط الفريق في نهائي السوبر، ثم جاءت الصدمة الكبرى بالخروج من كأس الملك أمام الاتحاد.
هذا التناقض يفسره المحللون بالثغرة الذهنية والتكتيكية في التعامل مع المواعيد الكبرى، جيسوس يعتمد على نظام ثابت ودفاع متقدم جداً، هذا الأسلوب ينجح بامتياز أمام فرق الوسط والذيل التي لا تمتلك سرعات التحول، لكنه يصبح انتحاراً تكتيكياً أمام فرق تمتلك أدوات الغدر الكروي مثل الاتحاد أو الهلال.
الثغرة الوحيدة: الجمود التكتيكي تحت الضغط
الثغرة التي تهدد موسم النصر ليست في جودة الأسماء، بل في غياب الخطة "ب" عند مواجهة الكبار. في مباراة الاتحاد بكأس الملك، وضح أن الفريق يعاني من ارتداد دفاعي بطيء، وفراغ قاتل خلف الأظهرة يسهل استغلاله بكرة طولية واحدة.
النصر مع جيسوس يلعب بأسلوب أنا سأهاجم مهما كان الخصم، وهو مبدأ رائع في الدوري لجمع النقاط، لكنه مقامرة في الكؤوس حيث الغلطة الواحدة تعني ضياع لقب.
شبح الهلال وآسيا 2: هل ينهار البرج؟
الاختبار الحقيقي للنصر يقترب؛ فالدوري ورغم السيطرة النصراوية، إلا أن مواجهة الهلال القريبة ستكون بمثابة المرآة. إذا دخل جيسوس اللقاء بالعقلية الهجومية المندفعة نفسها دون تأمين العمق، فقد يتكرر سيناريو السوبر.
الهلال حالياً في حالة استقرار فني كبيرة، وإذا نجح في كسر سلسلة انتصارات النصر، قد يبدأ الانهيار المعنوي الذي يخشاه الجمهور.
أما في آسيا 2، فالخوف ليس من دور المجموعات، بل من الأدوار الإقصائية، التاريخ يقول إن الفرق التي تسيطر على الدوريات بأسلوب هجومي بحت، غالباً ما تصطدم بواقعية الفرق المنظمة دفاعياً في ربع ونصف النهائي.
العقدة أم الحل؟
النصر يمتلك كل مقومات الموسم الأسطوري، لكنه يقف على أرض مهتزة في مواجهات كسر العظم. الثغرة الوحيدة التي تهدد هذا البنيان هي الثقة الزائدة في المنظومة الهجومية على حساب التوازن الدفاعي.
إذا لم يستطع جيسوس إيجاد توازن يحمي ظهره في مباريات الكؤوس والقمم، فقد ينتهي الموسم بدرع دوري تاريخي، ولكن مع غصة ضياع كل الكؤوس الأخرى.