التاريخ لا يعيد نفسه دائمًا، لكنه أحيانًا يكتب سيناريوهات متشابهة بشكل مذهل، كأنه "نبوءة" تنتظر اللحظة المناسبة لتتحقق. هذا هو بالضبط ما يحدث الآن في ريال مدريد.
ففي الوقت الذي يستعد فيه العالم لمتابعة الكلاسيكو الأكثر اشتعالًا منذ سنوات، لا يجد كيليان مبابي نفسه في مواجهة برشلونة فحسب، بل يجد نفسه واقفًا في النقطة التاريخية ذاتها التي وقف فيها مَثله الأعلى، كريستيانو رونالدو، قبل 15 عامًا، في مواجهة "عقدة" كادت تكسره، وفرصة واحدة لـ"الانتقام" من غريم شاب سرق منه الأضواء.
منذ وصوله المزلزل إلى ريال مدريد، كان من المتوقع أن يفرض كيليان مبابي هيمنته المطلقة على الدوري الإسباني.
لكن ما حدث كان كابوسًا لم يتوقعه أحد، وكان بطل هذا الكابوس هو لامين يامال. لقد واجه مبابي برشلونة في أربع مناسبات رسمية حتى الآن، وفشل في تحقيق أي انتصار.
القصة لم تكن مجرد خسارة عادية، بل كانت "إذلالًا" متكررًا. البداية كانت في نهائي كأس السوبر الإسباني، حيث سحق برشلونة بقيادة يامال ريال مدريد 5-2. ثم تكررت المأساة في نهائي كأس الملك بخسارة 3-2، قبلهما وبعدهما هزيمتان في الليجا.
وفي كل هذه المواجهات، كان لامين يامال هو "الجلاد" الذي يخطف الأضواء، يسجل ويصنع، ويحوّل مبابي من "ملك" متوج إلى مجرد "شبح" يطارده "طفل معجزة" في الملعب. أربع مواجهات، أربع هزائم، وعقدة نفسية اسمها "لامين يامال" بدأت تتشكل.
هنا يتدخل القدر بسخرية لا تصدق. "العقدة" التي يعيشها مبابي حاليًّا هي نسخة كربونية مما حدث لمثله الأعلى، كريستيانو رونالدو، عند وصوله إلى ريال مدريد.
في ذلك الوقت، اصطدم رونالدو بـ"جدار" برشلونة المرعب بقيادة بيب غوارديولا. فشل رونالدو في الفوز في أول أربع مباريات كلاسيكو خاضها، لقد كان "الدون" عاجزًا تمامًا أمام "المنظومة" الكتالونية.
متى جاء الفرج؟ جاء في المباراة الخامسة. في 20 أبريل 2011، في نهائي كأس ملك إسبانيا، وفي مباراة ماراثونية، ارتقى كريستيانو رونالدو في الوقت الإضافي ليسجل "رأسيته" الأسطورية التي حطمت "عقدة" برشلونة، وأهدت مورينيو ورونالدو أول ألقابهما، وغيرت موازين القوى في إسبانيا إلى الأبد.
الآن، يقف التاريخ ليعيد نفسه. المباراة القادمة يوم 26 أكتوبر ليست مجرد مباراة في الدوري، إنها "الكلاسيكو الخامس" لكيليان مبابي بقميص ريال مدريد. "النبوءة" جاهزة والسيناريو مكتوب. بالنسبة لمبابي، هذا اللقاء هو "حرب" شخصية لعدة أسباب: إنه فرصة لـ"الانتقام الشخصي" من لامين يامال الذي أهانه في أربع مواجهات سابقة، وهو فرصة لـ"كسر العقدة" وإثبات أنه ليس "لعنة" على الفريق في المباريات الكبرى، وهو فرصة لـ"إثبات الزعامة" الحقيقية له كملك جديد لليغا، والأهم، هو فرصته الذهبية ليثبت للعالم أنه "الوريث الشرعي" لكريستيانو رونالدو، بالسير على خطاه بالضبط.
أهي مجرد صدفة أن كلا الأسطورتين، رونالدو ووريثه مبابي، يفشلان في الفوز في أول أربع مباريات ضد برشلونة؟ أم أن القدر يجهز مسرحًا أسطوريًّا لـ"مبابي" ليكرر "سيناريو" مثله الأعلى، ويكسر "عقدته" في المباراة الخامسة، ويحقق "انتقامه" الأغلى في قلب البرنابيو؟ العالم كله ينتظر ليرى ما إذا كان "التلميذ" سينجح في السير على خطى "الأستاذ".