أطلق ياسين منصور، المرشح لمنصب نائب رئيس النادي الأهلي المصري، تصريحًا طموحًا لامس أحلام جماهير النادي، حينما أشار إلى أن "علامة تجارية" عالمية بحجم الأهلي "تستحق اللعب في دوري أبطال أوروبا".
هذا التصريح، وإن كان يعكس رؤية مستقبلية واسعة، يضعنا أمام سؤال فني وإداري مباشر: ما مدى واقعية هذا الحلم على أرض الملعب؟
للوهلة الأولى، تبدو الإجابة قاطعة: لا يمكن. فالطريق إلى دوري أبطال أوروبا مغلق تمامًا أمام أيّ نادٍ من خارج القارة.
لوائح الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) واضحة وحاسمة، إذ تكون المشاركة حصرًا في الأندية التابعة لاتحاداته الوطنية الأعضاء. وبصفته بطلاً سابقًا لإفريقيا وركيزة أساسية في الاتحاد الأفريقي (CAF)، لا يمتلك الأهلي المصري أي صفة تنظيمية أو جغرافية تخوله العبور لهذه المنافسة. فلا وجود لـ "بطاقات دعوة" تمنح لأبطال القارات الأخرى.
إذا تجاوزنا التفسير الحرفي للتصريح، وتعاملنا معه باعتباره "رؤية إستراتيجية" لتعظيم مكانة النادي، سنجد أن الباب لم يُغلق بالكامل. الطموح هنا لا يعني بالضرورة نقل فريق الأهلي القاهري إلى أوروبا، بل زرع "اسم" الأهلي وخبراته داخل القارة الأوروبية. وهو ما يمكن تحقيقه عبر مسارين استثماريين حديثين.
يتمثل هذا المسار، وهو الأكثر واقعية، في تحرك الأهلي ككيان استثماري ضخم للاستحواذ على نادٍ أوروبي قائم. فبدلًا من المحاولة المستحيلة لإدخال الفريق الأم، يتم شراء نادٍ في دوري أوروبي واعد، كبلجيكا أو البرتغال، ليصبح "النادي الشقيق" للأهلي.
تكمن الفوائد الإستراتيجية لهذه الخطوة في بناء سمعة أوروبية؛ فهذا النادي، بدعم مالي وإداري من الأهلي، يمكنه التطور والمنافسة، وربما الوصول يوماً ما إلى دوري الأبطال حاملاً اسم "مشروع الأهلي". كما أنه يوفر مساراً احترافياً مباشراً لمواهب أكاديمية الأهلي، فضلاً عن فتح أسواق تجارية جديدة للرعاة وتوسيع القاعدة العالمية للعلامة التجارية "الأهلي".
هذا المسار هو الأصعب والأطول أمداً، لكنه يضمن بناء هوية خالصة من الصفر. يمكن أن يبدأ هذا المسار بتدشين شبكة من أكاديميات الأهلي الرسمية في دول أوروبية مختلفة، وهو ما يعزز اسم النادي على مستوى القواعد الجماهيرية والناشئين ويرسخ سمعته كـ "مصنع للمواهب" داخل أوروبا.
أما الخطوة الأكثر جذرية فتتمثل في تأسيس نادٍ جديد بالكامل يحمل اسم "أهلي (مدينة أوروبية)"، ليبدأ مسيرته من الدرجات الدنيا. ورغم أن هذا طريق شاق ومكلف للغاية، فإنه يبني كياناً أوروبياً خالصاً يحمل اسم الأهلي منذ اللحظة الأولى.
في جوهره، يجب قراءة تصريح ياسين منصور كإعلان نوايا لنقل الأهلي من مكانة "البطل القاري" إلى مرتبة "اللاعب العالمي"، عبر امتلاك أذرع استثمارية ورياضية في قلب القارة الأهم كروياً.
الحلم الحقيقي ليس أن يواجه "الشياطين الحمر" كبار أوروبا بفريقهم القادم من القاهرة، بل أن يتم خلق كيان شقيق في أوروبا، يستلهم روح الأهلي، ويكون قادراً على المنافسة بأعلى المستويات، ليصبح اسم "الأهلي" جزءاً أصيلاً من المشهد الكروي الأوروبي، بالأخص أن ياسين منصور لديه مشروعه الرياضي الأوروبي القائم بالفعل.