رفض الخضوع لجراحة تجميل ووضع بايرن على قمة أوروبا.. من هو الفرنسي فرانك ريبيري؟

عندما كان أسطورة كرة القدم بيليه يستعد للكشف عن صاحب الكرة الذهبية للعام 2013، في الحفل الذي نظمه الاتحاد الدولي لكرة القدم ومجلة "فرانس فوتبول"، كانت الأنظار متجهة نحو الفرنسي ريبيري، الذي كان ينافس كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي بعد أن قاد بايرن ميونخ في ذلك العام إلى التتويج بخماسية تاريخية من بينها دوري أبطال أوروبا.

ووسط مفاجأة كبرى، قال بيليه، الراحل في ديسمبر 2022، إن رونالدو هو الفائز بالكرة الذهبية، لتكون تلك اللحظة الأشد إيلاما في مسيرة فرانك ريبيري رغم ما حققه في مسيرته الكروية اللافتة من إنجازات.

ويعد ريبيري المولود في 7 أبريل 1983 في مدينة "بولوني سور مير" الفرنسية من نجوم العالم في كرة القدم، ومن أساطير نادي بايرن ميونخ الذي فاز معه بأكثر من 20 لقبا من بينها 9 بطولات للبوندسليغا.

لم تكن مسيرة ريبيري مفروشة بالورود، بقدرما كانت رحلة صعبة لا فقط داخل الملاعب وإنما أيضا في حياته الخاصة، لكونه نشأ وهو يحمل ندبات خطيرة وجراح غائرة في الوجه، كانت العلامة البارزة على ملامحه وأثرت حتى على حياته ونظرة الناس إليه.

حادث غيّر وجهه ولم يغيّر أحلامه

ولد فرانك هنري ريبيري لعائلة متواضعة في منطقة "شومان دو فار"في فرنسا، ولم يكد يبلغ سن الثانية حتى تعرّض لحادث سيارة خلّف ندوبًا قوية على وجهه، كان الرضيع آنذاك في المقاعد الخلفية للسيارة مع والدية عندما قذفه الاصطدام القوي ليخترق الزجاج الأمامي ويتعرض إلى جروح خطيرة وغائرة في الوجه.

ظلت تلك الندوب الواضحة على وجه الطفل عندما بدأ لعب ممارسة كرة القدم في السادسة من عمره مع نادي إف سي كونتي، وفي الثانية عشرة من عمره انضمّ إلى مركز تدريب نادي ليل لكرة القدم، حيث غادره بعد أربع سنوات بسبب ضعف نتائجه الدراسية لأن النادي كان يشترط النجاح الدراسي للاستمرار. 

  وبعد سنوات من اللعب في شبان نادي بولوني، مسقط رأسه، انضم اللاعب في بداية عام 2002 إلى نادي أليس لتكون بداياته الاحترافية التي استمرت في أندية متواضعة حتى عام 2005 عندما انتقل إلى غلطة سراي التركي لكنه سرعان ما انضم إلى أولمبيك مرسيليا وخاض معه موسمين بين 2005 و2007.

وفي عام 2006، وبالتوازي مع انضمامه لتشكيلة فرنسا المشاركة في كأس العالم 2006، والتي بلغ فيها النهائي، شهدت حياة ريبيري الرياضية والشخصية عدة أحداث فارقة، كان الأول فيها إعلانه زواجه من صديقة الطفولة، وهي فتاة جزائرية تدعى "وهيبة" وتقيم مع عائلتها في فرنسا.

وأنجب ريبيري من زوجته الجزائرية 3 أطفال كلهم يحملون أسماء عربية، كما أن زواجه من وهيبة دفعه لاعتناق الاسلام في 2006 بعمر 23 عاما، وتغيير اسمه من فرانك هنري إلى فرانك بلال.

نهائي المونديال: إنجاز مذهل

وفي العام ذاته، شهدت مسيرة ريبيري تحولا كبيرا وصعودا صاروخيا، ذلك أن مدرب فرنسا ريمون دومينيك منحه الثقة لمجاورة أساطير الكرة مثل زين الدين زيدان تيري هنري وباتريك فييرا وغيرهم في الفريق الذي بلغ النهائي أمام إيطاليا.

وشارك ريبيري في مباريات فرنسا في مونديال ألمانيا 2006، وسجل هدفا في مباراة إسبانيا في ربع النهائي، قبل أن يساهم في الإطاحة بالبرازيل والتأهل للنهائي.

خسر فرانك ريبيري اللقب في الدور النهائي بركلات الترجيح في المباراة الشهيرة التي أقصي فيه زيدان بعد نطحه ماركو ماتيرازي.

ورغم أنه وصل قمة المجد والثروة فإنه رفض الخضوع لجراحة تجميلية لطمس الآثار والندب التي بدت على وجهه، وقال إنه لا يرى موجبا لإخفاء تلك الجروح العميقة لأنها كانت جزءا من حياته وطفولته بل منحته القوة ليصبح على ما هو عليه الآن.

 مسيرة مذهلة مع بايرن ميونخ

كان تألق ريبيري مع منتخب بلاده في مونديال 2006، سببا في اهتمام عدة أندية بخدماته، لكن بايرن ميونخ الألماني هو الذي ظفر بخدماته في موسم 2007 ـ 2008.

وخاض اللاعب الفرنسي مع الفريق البافاري 524 مباراة في 13 عاما بين 2007 و2019 وأحرز 130 هدفا ليصبح من أساطير الكرة في النادي وواحدا من عظماء كرة القدم في العالم.

كانت مساهمة ريبيري كبيرة في تتويج ميونخ بخمسة ألقاب في موسم 2012 ـ 2013 من بينها دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية.

وتوج اللاعب مع بايرن ميونخ بـ23 لقبا من بينها 9 ألقاب للدوري و6 لكأس ألمانيا، كما فاز بجائزة "ذي بيست" لأفضل لاعب في العالم للعام 2013، لكن خيبة عدم التتويج بالكرة الذهبية في ذلك العام ظلت بمثابة أكثر اللحظات الحزينة بالنسبة له.

 وقال ريبيري: "كنت في قمة مسيرتي في عام 2013، لقد فزت بكل شيء ما عدا ذلك في تلك السنة. دوري أبطال أوروبا، ثنائية الدوري الألماني وكأس ألمانيا، كأس العالم للأندية، لقب أفضل لاعب أوروبي، لقد كانت سنة مثالية. لم يكن بإمكاني فعل ما هو أفضل. ستبقى الكرة الذهبية هذه ظلما إلى الأبد".

واعتزل ريبيري كرة القدم عام 2022 بعد أن لعب موسمين في الدوري الإيطالي مع نادي فيورنتينا ثم سالرنيتانا الذي خاض معه تجربة قصيرة في منصب المدرب المساعد.