لم يكن التعادل السلبي أمام العراق مجرد نقطة أوصلت المنتخب السعودي إلى كأس العالم 2026، بل كان إعلانا عن انتصار استراتيجي يفتح "بوابة المجد" أمام مستقبل الكرة السعودية.
التأهل لم يكن فقط "نجاة" من الفشل في اللحظة الأخيرة، بل هو تتويج لمسار صعب أكد أن "الأخضر" حجز مقعده عن جدارة واستحقاق، محققا خمسة مكاسب "ذهبية" ستغير شكل وطموحات المنتخب في السنوات القادمة.
زعامة عربية مستحقة
أول وأهم هذه المكاسب هو ترسيخ مكانة السعودية كقائد للكرة العربية في المحفل العالمي، ففي نسخة ستشهد "غزوا عربيا" تاريخيا لمونديال 2026 بفضل زيادة عدد المنتخبات، لن تكون السعودية مجرد رقم بين المشاركين.
"الأخضر" سيدخل البطولة وهو يحمل لقبا فريدا وهيبة خاصة: إنه المنتخب الوحيد في العالم الذي قهر "بطل العالم" الأرجنتين في نسخته الأخيرة، هذه المكانة تمنح السعودية زعامة معنوية وتاريخية على الساحة العربية، وتجعلها تدخل المونديال ليس فقط كممثل للسعودية، بل كحامل لواء الكرة العربية بأكملها.
رسالة قوة وتأكيد للجدارة
التأهل بشكل مباشر وتجنب الدخول في "جحيم" الملحق العالمي المعقد والمحفوف بالمخاطر، هو في حد ذاته "رسالة قوة" للقارة الآسيوية بأكملها، لقد أثبت المنتخب السعودي أن مكانه الطبيعي هو بين نخبة العالم، وأن تأهله يأتي بـ"جدارة" واستحقاق وليس بمجرد صدفة أو حسابات معقدة. ورغم أن حسم التأهل جاء في الجولة الرابعة إلا أن الأداء العام في التصفيات يؤكد أن الفريق كان يستحق حجز بطاقته حتى من قبل ذلك؛ ما يعكس قوة شخصيته وقدرته على تحقيق الهدف الأسمى.
استمرارية لمشروع "قهر الأرجنتين"
أثبت هذا التأهل أن الفوز التاريخي على الأرجنتين في مونديال 2022 لم يكن مجرد "طفرة" عابرة أو "ضربة حظ". إنه دليل ملموس على "استمرارية" المشروع وبناء عقلية "فريق بطل" لا يخشى مواجهة الكبار وقادر على تحقيق النتائج تحت الضغط. التأهل هو التأكيد العملي على أن "جيل قهر الأرجنتين" هو جيل حقيقي ومستمر في العطاء، وأن تلك العقلية التي ولدت في ليلة لوسيل التاريخية أصبحت جزءا من الحمض النووي للمنتخب، وهو المكسب الأهم على المدى البعيد.
منح الاستقرار للمشروع الفني
لا يمكن إغفال أن الفشل في التأهل كان سيؤدي حتما إلى "مذبحة" وثورة تغييرات عنيفة، على رأسها إقالة المدرب الفرنسي هيرفي رينارد والدخول في دوامة تغيير المدربين والفوضى الإدارية.
التأهل منح "قبلة الحياة" للمشروع الفني بالكامل، وأعطى الإدارة والمدرب "الاستقرار" والثقة اللازمة لمواصلة خطتهم والتحضير للمونديال بهدوء وتركيز. هذا الاستقرار هو أغلى ما يمكن أن يملكه أي منتخب يطمح لتحقيق نتائج مشرفة في كأس العالم.
فرصة ذهبية لجيل تاريخي
أخيرا، يمثل التأهل "الفرصة الذهبية" لجيل كبير من اللاعبين، وعلى رأسهم القائد سالم الدوسري، ليكللوا مسيرتهم الرائعة بإنجاز تاريخي آخر في كأس العالم. قد تكون هذه هي "الرقصة الأخيرة" لجيل 2022، وفرصتهم الأخيرة لترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الكرة السعودية، وتثبيت أسمائهم كأفضل جيل مر على تاريخ "الأخضر"، وهو دافع سيمنحهم قوة إضافية للمنافسة بشراسة في أمريكا.