في انعطافة درامية تهز أركان كرة القدم الأوروبية، يبدو أن أيام النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور في ريال مدريد أصبحت معدودة. فبعد أن كان الفتى المدلل، بطل دوري الأبطال الخامس عشر، واللاعب الذي لا يمس في تشكيلة الملكي، تغير كل شيء.
قنبلة فجرها الصحفي الموثوق ماريو كورتيغانا، الذي أكد أن إدارة ريال مدريد غيرت موقفها تماماً ولم تعد تمانع رحيل فينيسيوس مقابل عرض مالي ضخم، وذلك بعد أشهر قليلة فقط من رفضها عرضاً سعودياً خيالياً من أجله.
هذا التحول المفاجئ يطرح سؤالاً ملحاً: لماذا قرر فلورنتينو بيريز التخلي عن أحد أهم جواهره؟ الإجابة تكمن في عاصفة مثالية من خمسة أسباب متداخلة.
1- إصرار اللاعب على راتب يتجاوز السقف
الشرخ الأول في العلاقة بدأ من المطالب المالية. فبينما يرى فينيسيوس نفسه أحد أفضل ثلاثة لاعبين في العالم، ويطالب براتب يضعه في قمة الهرم بجانب كيليان مبابي، ترى إدارة ريال مدريد أن الحفاظ على سقف رواتب متوازن هو أساس استقرار النادي.
إصرار فينيسيوس على كسر هذا الهيكل الراسخ يُعتبر تحدياً لسياسة "لا لاعب أكبر من النادي"، وهو أمر لا يتسامح معه بيريز بسهولة، مما جعل الإدارة تفكر بجدية في قيمة اللاعب المالية مقابل صداعه الاقتصادي.
2- وجود بدائل وتراجع الحالة النفسية
لم يعد فينيسيوس هو المنقذ الوحيد. مع وجود كيليان مبابي، وتفجر موهبة إندريك، والتعاقدات الجديدة، أصبح لدى ريال مدريد حلول هجومية متنوعة قادرة على تعويض غيابه.
الأهم من ذلك، هو الهمسات المتداولة حول مرور فينيسيوس بـ"أزمة نفسية" أثرت على مستواه في الفترة الأخيرة. هذا التراجع جعل الإدارة تتساءل: هل هو انخفاض مؤقت أم بداية منحنى هابط؟ وجود البدائل، مقترناً بالقلق من حالته الذهنية، قلل من حجم المخاطرة الرياضية لبيعه.
3- الحاجة لتعويض الإنفاق الصيفي الضخم
بعد صيف انتقالات ناري أنفق فيه النادي مئات الملايين لتدعيم صفوفه، بالإضافة إلى التكاليف المستمرة لملعب سانتياغو برنابيو الجديد، أصبحت الحاجة لتوازن الدفاتر المالية أمراً ملحاً.
في هذا السياق، يُعتبر فينيسيوس الأصل الأعلى قيمة الذي يمكن بيعه. صفقة بيع تتجاوز 200 مليون يورو لن توفر سيولة ضخمة فقط، بل ستمول مشروع النادي لسنوات قادمة، وهو منطق "رجل الأعمال" الذي يحكم قرارات فلورنتينو بيريز دائماً.
4- المماطلة في التجديد.. مؤشر خطر
لدى ريال مدريد سياسة صارمة وواضحة: يتم تجديد عقود النجوم الكبار قبل نهايتها بسنتين أو ثلاث سنوات للحفاظ على السيطرة الكاملة. دخول فينيسيوس في آخر عامين من عقده دون التوصل لاتفاق يُعتبر "خطاً أحمر" بالنسبة للإدارة.
هذا الموقف يضع النادي تحت ضغط ويهدد بتكرار سيناريوهات رحيل مؤلمة. بالنسبة للملكي، بيع اللاعب الآن بسعر فلكي أفضل ألف مرة من الدخول في مفاوضات مرهقة قد تنتهي برحيله بسعر أقل أو، في أسوأ الأحوال، مجاناً.
5- رغبة "غير معلنة" من مبابي
قد يكون هذا هو السبب الأكثر حساسية وسرية. على الرغم من عدم وجود تصريحات علنية، تشير الأجواء في غرف ملابس ريال مدريد إلى أن كيليان مبابي يفضل أن يكون النجم الأوحد والمحور الرئيس لهجوم الفريق.
قد يكون التنافس التكتيكي مع فينيسيوس على نفس الرواق الأيسر أو على الأضواء قد خلق ديناميكية غير مريحة. قرار بيع فينيسيوس قد يكون، في جزء منه، رسالة واضحة بأن مشروع ريال مدريد للمستقبل سيتم بناؤه بالكامل حول النجم الفرنسي، وإزالة أي عقبات محتملة أمام تألقه المطلق.