في أمسية كروية مُثيرة شهدها ملعب "ويمبلي"، تلقى عشاق كرة القدم مفاجأة من العيار الثقيل، حيث تمكن نادي كريستال بالاس من تحقيق انتصار تاريخي على مانشستر سيتي في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.
لم تكن الخسارة مُجرد تعثر في طريق السيتي بل ربما تكون بمثابة جرس إنذار يدق في أرجاء ملعب الاتحاد، مُثيرًا تساؤلات حول مستقبل الفيلسوف الإسباني، بيب غوارديولا، وما إذا كانت أفكاره الفنية وصلت إلى طريق مسدود.
فهل نشهد بداية "إفلاس فني" لواحد من أعظم المدربين في تاريخ كرة القدم؟ العديد من العلامات بدأت تلوح في الأفق تُشير إلى إمكانية الإجابة بـ"نعم".
1. شبح الموسم الصفري يُخيم على الاتحاد
لطالما اعتاد غوارديولا على حصد الألقاب في كل محطة تدريبية له، لكن، يبدو أن هذا الموسم قد يمر على مانشستر سيتي دون أي بطولة تُذكر، فبعد الإقصاء من دوري أبطال أوروبا، وانتهاء أمل الدوري مبكرًا تأتي خسارة نهائي كأس الاتحاد لتُعزز احتمالية انتهاء الموسم خالي الوفاض.
هذا الأمر يُعد غريبًا على فريق مُدجج بالنجوم وتحت قيادة مدرب بحجم غوارديولا، ويطرح تساؤلات حول قدرة الفريق والجهاز الفني على تحقيق الأهداف المنشودة، هل فقد غوارديولا القدرة على تحفيز لاعبيه في اللحظات الحاسمة؟ أو أن المنافسين قد وجدوا الطريقة المثلى لإيقاف منظومته؟
2. فقدان السيطرة على قرارات اللاعبين داخل الملعب
تُعتبر الانضباطية التكتيكية والالتزام بتعليمات المدرب من أبرز سمات فرق غوارديولا، لكن، ما شهدناه في بعض المباريات الأخيرة يُشير إلى فتور في هذا الجانب.
واقعة تقدم عمر مرموش لتسديد ركلة جزاء في مباراة حاسمة، وتصريحه العلني بأنه كان يجب أن يكون إرلينغ هالاند هو المُسدد، تُظهر وجود خلل في التسلسل الهرمي واتخاذ القرارات داخل الفريق.
فهل فقد غوارديولا السيطرة على لاعبيه؟ وهل بات اللاعبون يتخذون قرارات فردية تتعارض مع مصلحة الفريق؟ هذه العلامات تُثير الشكوك حول مدى قدرة المدرب على فرض سلطته الفنية على المجموعة.
3. مشادة غوارديولا مع دين هندرسون: هل ضاع المنطق في زحمة الضغوط؟
من غير المعتاد رؤية غوارديولا في مشادات كلامية مع لاعبي الفريق المنافس، لكن، ما حدث بعد نهاية مباراة كأس الاتحاد، من انفعال وغضب تجاه حارس مرمى كريستال بالاس، دين هندرسون، بسبب إضاعة الوقت، يطرح علامات استفهام كبيرة.
فهل يعقل أن يُلقي مدرب بحجم غوارديولا اللوم على حارس الخصم بسبب تكتيك مشروع هدفه الحفاظ على تقدم فريقه في الدقائق الأخيرة من مباراة نهائية؟ ألم يكن الأولى بغوارديولا أن يُوجه اللوم إلى منظومته الهجومية التي فشلت في استغلال الـ100 دقيقة التي أُتيحت لها لتسجيل هدف الفوز؟ هذا التصرف غير المبرر يُشير إلى حالة من الضغط الشديد قد تكون أثرت في اتزانه ومنطقه في التعامل مع الأحداث.
4. مباراة الموسم بلا جدية كافية: علامة استفهام حول الأولويات
من الواضح أن نهائي كأس الاتحاد كان يمثل فرصة ذهبية لإنقاذ موسم مانشستر سيتي من شبح الموسم الصفري.
ومع إدراك غوارديولا لأهمية هذه المباراة، بدا واضحًا للجميع أن الفريق لم يتعامل معها بالجدية والتركيز المطلوبين.
ظهرت بعض القرارات الفنية التي أثارت التساؤلات، ربما في التشكيلة الأساسية أو في التغييرات التي أُجريت خلال المباراة.
هذا الأمر يدفع للتساؤل: هل استهان غوارديولا بالمنافس؟ أو أنه لم يتمكن من إيجاد التوليفة المناسبة لهذه المواجهة الحاسمة؟ عدم التعامل بالجدية اللازمة مع "مباراة الموسم" يُعد مؤشرًا خطيرًا قد يُعكس تراجعًا في حدة التنافسية والرغبة في تحقيق الانتصارات التي لطالما ميزت فرق غوارديولا.
ختامًا، لا يمكن الجزم بشكل قاطع بإفلاس بيب غوارديولا "فنيًّا" بعد موسم واحد قد يكون أقل من التوقعات، لكن، العلامات التي ذكرناها تُشير إلى وجود تحديات حقيقية تواجه المدرب الإسباني.
الموسم الصفري وفقدان السيطرة على بعض جوانب الفريق، والانفعالات غير المعهودة، وعدم التعامل بجدية كافية مع المباريات الحاسمة، كلها مؤشرات تستدعي وقفة تأمل وإعادة تقييم من قبل غوارديولا نفسه وإدارة مانشستر سيتي.
فهل يتمكن الفيلسوف من استعادة بريقه الفني في الموسم المقبل؟ أو أننا نشهد بالفعل نهاية حقبة ذهبية في مسيرته التدريبية؟ الإجابة ستكشف عنها الأيام المقبلة.