لم يكن التعادل المخيب للآمال الذي استهل به المنتخب المصري مشواره في بطولة كأس العرب أمام نظيره الكويتي مجرد كبوة جواد عابرة، بل جاء بمنزلة جرس إنذار صاخب، يكشف عن خلل هيكلي ونفسي عميق يضرب أركان الفراعنة.
النتيجة الرقمية قد تشير إلى تقاسم النقاط، لكن الأداء الفعلي على أرض الملعب كشف عن سيناريو مرعب ينتظر الجماهير المصرية إذا لم يتم تدارك الموقف فوراً.
ما حدث في الافتتاح لم يكن سوء طالع، بل نتاج 8 خطايا رئيسية ارتكبها الجهاز الفني واللاعبون، وباتت بمثابة ألغام تهدد بنسف الحلم العربي مبكراً:
1. فخ التعالي والغرور
ظهر جلياً أن الكابتن حلمي طولان، المدير الفني، نزل إلى أرض الملعب وهو يضمن النتيجة في جيبه، معتمداً على تاريخ الفراعنة لا واقعهم الحالي. هذه الحالة من التعالي الكروي تسربت كالعدوى إلى اللاعبين الذين تعاملوا مع المباراة وكأنها حصة تدريبية، متناسين أن كرة القدم لا تعترف إلا بالجهد المبذول، ليأتي العقاب قاسياً من المنافس.
2. رعونة هجومية لا تغتفر
لا يمكن اختزال مسلسل إهدار الفرص السهلة تحت مسمى سوء التوفيق كما حاول طولان التبرير في المؤتمر الصحفي. ما حدث هو رعونة واضحة من المهاجمين، واستهتار في اللمسة الأخيرة يعكس غياب التركيز والجدية أمام المرمى، وهو ترف لا يملكه منتخب يبحث عن لقب.
3. العجز البدني الفاضح
لعل المشهد الأكثر بؤساً كان الفارق البدني الشاسع، شباب المنتخب الكويتي لقنوا عواجيز المنتخب المصري درساً في الانتشار والسرعة والتحولات.
بدا المنتخب المصري ثقيلاً، عاجزاً عن مجاراة رتم المباراة، وكأننا نشاهد صراعاً بين جيلين مختلفين، الغلبة فيه لمن يركض أكثر لا لمن يملك اسماً أكبر.
4. كارثة التشكيل الخاطئ
يتحمل الجهاز الفني مسؤولية البدء بعناصر غير جاهزة لبطولة مجمعة تتطلب مجهوداً مضاعفاً. الإصرار على أسماء بعينها رغم تراجع مستواها الفني والبدني كان بمنزلة انتحار تكتيكي، أفرغ المنتخب من أنيابه وجعل وسط الملعب مستباحاً للمنافس.
5. غياب الروح والحلول
طوال 90 دقيقة، بدا الفريق تائهاً بلا هوية أو قائد حقيقي داخل الملعب. غابت الروح القتالية التي طالما ميزت الكرة المصرية. حتى الهدف الوحيد، جاء عبر ركلة جزاء هبطت كنجدة من السماء، وليس نتاج جملة تكتيكية منظمة أو ضغط مدروس، ما يؤكد العشوائية التي أدار بها الفريق المباراة.
6. الانهيار النفسي الهش
مشهد عمرو السولية بعد إهدار ركلة الجزاء يعكس بوضوح الحالة النفسية الهشة للفريق، الانهيار النفسي للاعب خبرة مثله وتأثير ذلك السلبي السريع على باقي زملائه يكشف عن فريق يفتقد للصلابة الذهنية، ويسهل كسره مع أول ضغط حقيقي.
7. الانفلات العصبي
بدلاً من التركيز على تعويض الأداء الباهت، انخرط اللاعبون في مشاحنات وخناقات جانبية كشفت عن حالة من الانفلات العصبي. هذا التوتر المجاني استنزف ما تبقى من طاقة اللاعبين وشتت تركيزهم عن الهدف الأساسي، وهو لعب كرة القدم.
8. القادم أسوأ.. طوفان الأردن والإمارات
الخطيئة الكبرى تكمن في تجاهل حقيقة أن القادم أصعب بمراحل، إذا كانت هذه هي الحال أمام الكويت، فكيف سيواجه الفراعنة منتخبات بوزن الأردن والإمارات؟ المنافسون القادمون يمتلكون تنظيماً أعلى وشراسة أكبر، ومع استمرار هذه الثغرات، فإن الخروج الكارثي من الدور الأول قد يصبح حقيقة مؤلمة وليس مجرد كابوس.
الكرة الآن في ملعب الجهاز الفني؛ إما ثورة تصحيح شاملة في التشكيل والعقلية قبل مواجهة النشامى، أو الاستعداد لحزم الحقائب مبكراً في إحدى أسوأ المشاركات.