مع انقضاء الأسابيع الأولى من موسم 2025-2026، تعلو في الأفق المدريدي أصوات تجمع بين الفرح الحذر والقلق المتزايد.
الفرح له عنوان واضح، كيليان مبابي، النجم الفرنسي الذي يسجل الأهداف بغزارة، أما القلق فله أسباب أعمق تتعلق بهوية الفريق الذي يبدو أنه بدأ يفقد جماعيته ويسير بخطى متسارعة نحو الاعتماد شبه الكلي على رجل واحد.
هيمنة رقمية.. نصف الفريق في لاعب واحد
الأرقام، التي لا تكذب غالبًا، ترسم صورة بليغة لهذا الواقع، حتى أواخر سبتمبر 2025، سجل ريال مدريد 16 هدفًا في الدوري الإسباني، نصفها تمامًا جاء بتوقيع مبابي الذي هز الشباك 8 مرات، هذا الرقم وحده يمثل مؤشرًا خطيرًا على الاعتماد المفرط على القدرات الفردية للاعب واحد، مهما بلغ حجم موهبته، يصبح الأمر أكثر دلالة عندما نرى أن اثنتين من هذه الأهداف الثمانية جاءت من علامة الجزاء، ما يعزز الفكرة القائلة بأن حلول الفريق الهجومية أصبحت تقتصر على مسارين: إما ومضة عبقرية من مبابي، أو انتظار صافرة حكم لاحتساب ركلة جزاء يتولى الفرنسي تنفيذها بنجاح.
نجوم في الظل.. ضحايا تألق مبابي
هذه الهيمنة المطلقة لمبابي تلقي بظلالها القاتمة على بقية نجوم الفريق، لاعبون بحجم فينيسيوس جونيور (3 أهداف)، وأردا غولر (3 أهداف)، ورودريغو، الذين كانوا في مواسم سابقة أبطالاً للحظات الحاسمة، يبدو تأثيرهم الآن محدودًا.
فرغم أنهم يقدمون مستويات جيدة على أرض الملعب، فإن البريق أصبح حكرًا على الوافد الجديد، وتحولت أدوارهم إلى أدوار مساعدة تدور في فلك النجم الأوحد.
ألونسو.. نجاح فردي وفشل جماعي؟
المسؤولية هنا قد تقع بشكل كبير على المدرب الجديد، تشابي ألونسو، الذي نجح ببراعة في إطلاق العنان لقدرات مبابي التهديفية، ومنحه حرية التحرك التي تسمح له باستغلال سرعته ومهارته الفائقة، لكن في المقابل، يبدو أنه لم ينجح حتى الآن في بناء منظومة جماعية متكاملة تستفيد من كل أسلحتها. تحول الفريق تحت قيادته إلى مجموعة من اللاعبين الموهوبين الذين ينتظرون الحل من مبابي، بدلاً من أن يكونوا فريقًا متجانسًا يصنع الفرص بشكل جماعي ومنظم.
هجوم "ملكي" بأرقام متواضعة
وإذا أردنا تعميق الجرح بالأرقام، نجد أن هجوم ريال مدريد، برصيده البالغ 16 هدفًا، هو ثاني أقوى خط هجوم في "الليغا" خلف برشلونة (21 هدفًا)، قد يبدو هذا جيدًا للوهلة الأولى، لكن عند تجريد أهداف الفريق من مساهمات مبابي، تهبط الحصيلة إلى 8 أهداف فقط، هذا الرقم لا يضع ريال مدريد في مصاف أندية الوسط فحسب، بل يجعله قريبًا بشكل مقلق من أرقام الفرق التي تكافح من أجل البقاء في دوري الأضواء، مثل ريال مايوركا (6 أهداف)، ريال أوفييدو (هدفان)، وجيرونا (3 أهداف).
ختاما، بينما يحتفل المدريديون بكل هدف يحمل توقيع مبابي، يجب أن يدق ناقوس الخطر. الاعتماد على لاعب واحد هو سلاح ذو حدين، قد يجلب الانتصارات على المدى القصير، ولكنه يبني فريقًا هشًا يسهل إيقافه بتحييد مفتاح لعبه الوحيد، التحدي الأكبر أمام ألونسو الآن ليس فقط الاستمرار في الاستفادة من مبابي، بل في إعادة الحياة للمنظومة الجماعية قبل أن يدفع ريال مدريد ثمنًا باهظًا لهيمنة نجمه الأوحد.