رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
في عالم كرة القدم، حيث الصبر عملة نادرة، وحيث تُبنى الأحكام على النتائج اللحظية، يجد المدرب الإيطالي سيموني إنزاغي، المدير الفني للهلال السعودي، نفسه في قلب عاصفة مبكرة من الانتقادات.
فبعد بداية متعثرة في دوري روشن السعودي، أبرزها التعادل المخيب للآمال مع الأهلي بثلاثة أهداف لمثلها بعد التقدم بثلاثية نظيفة، علت الأصوات المطالبة برحيله، متهمة إياه بإضاعة هوية الفريق.
لكن، هل طرد إنزاغي هو الحل الأمثل؟ الإجابة القاطعة والمبنية على تاريخ الرجل ومسيرته التدريبية هي "لا".
إن المطالبة بإقالة مدرب بحجم إنزاغي بعد أسابيع قليلة من بداية الموسم لا تعكس سوى تسرعا يفتقر إلى رؤية شاملة، فالهلال لم يمنح المدرب الإيطالي فرصته الكاملة بعد، ومن المعروف في مسيرة إنزاغي أن بصمته لا تظهر بين عشية وضحاها، بل تحتاج إلى وقت وصبر لتترسخ وتؤتي أكلها. فتجاربه السابقة مع لاتسيو وإنتر الإيطاليين تقدم لنا دروسا واضحة في هذا الشأن.
دروس الماضي: لاتسيو وإنتر كنموذج
عندما تولى إنزاغي قيادة لاتسيو في عام 2016، لم يحول الفريق فورا إلى بطل للدوري، لكنه بنى فريقا صلبا ومنافسا، وأعاده إلى الواجهة الأوروبية وحقق معه كأس إيطاليا وكأس السوبر مرتين.
البدايات لم تكن دائما مثالية، لكن مع مرور الوقت، تحول لاتسيو تحت قيادته إلى قوة يُحسب لها ألف حساب، مقدما كرة قدم جذابة وفعالة.
القصة تكررت بشكل مختلف مع إنتر، فوصل إنزاغي إلى "النيراتزوري" في 2021 ليخلف أنطونيو كونتي الذي فاز بالدوري للتو، لكن الفريق فقد أعمدة رئيسة مثل روميلو لوكاكو وأشرف حكيمي.
في موسمه الأول، ورغم التحديات، نافس إنزاغي على لقب الدوري حتى الجولة الأخيرة وخسره بفارق نقطتين فقط، لكنه في المقابل حصد لقبي كأس إيطاليا والسوبر الإيطالي.
لم تكن بداية سيئة على الإطلاق، لكنها كانت تمهيدا لما هو قادم، ففي المواسم التالية، أصبحت بصمته أوضح، وقاد الفريق لنهائي دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين، وحقق لقب الدوري الإيطالي، مؤكدا أن مشاريعه تحتاج إلى وقت لتنضج.
رفاهية الوقت.. مطلب الهلال
صحيح أن نادٍ بحجم الهلال، بتاريخه وجماهيره وتطلعاته، لا يمتلك رفاهية الوقت التي قد تتوفر لأندية أخرى. الضغط لتحقيق الانتصارات فوري، والجماهير لا تقبل بأقل من القمة. لكن الاستثمار في مدرب مثل إنزاغي هو استثمار في مشروع طويل الأمد وليس مجرد حل مؤقت. الرجل يمتلك فكرا تكتيكيا واضحا، وقدرة على تطوير اللاعبين، وبناء منظومة لعب جماعية قوية.
ما يمر به الهلال حاليا هو مرحلة انتقالية طبيعية، يتعرف فيها اللاعبون على فكر المدرب الجديد، ويتشربون أسلوبه التكتيكي المعقد الذي يعتمد على الضغط العالي والتحولات السريعة. هذه العملية تستغرق وقتا، ومن المؤكد أنها ستشهد بعض التعثرات في البداية. إنزاغي نفسه أشار إلى أن فترة الإعداد المتأخرة للفريق أثرت على الانسجام في بداية الموسم.
الخلاصة، أن الحكم على تجربة سيموني إنزاغي مع الهلال الآن هو حكم متسرع وظالم، التاريخ يخبرنا أن منح هذا المدرب الثقة والوقت الكافي هو الطريق الأقصر للنجاح، فبمجرد أن تجد بوصلته اتجاهها الصحيح، وتترسخ أفكاره في عقول اللاعبين، سيتحول الهلال تحت قيادته إلى فريق مرعب محليا وقاريا، وقادر على الهيمنة على الألقاب لسنوات قادمة. الصبر على إنزاغي ليس ترفا، بل هو ضرورة لحصد ثمار مشروع كروي واعد.