بشق الأنفس، خطف ليفربول فوزًا باهتًا من نيوكاسل يونايتد على ملعب سانت جيمس بارك، في مباراة كشفت عيوبًا كارثية أكثر مما جلبت نقاطًا مطمئنة.
فوز جاء أمام فريق يلعب بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 35، فريق يعاني أصلًا من بداية موسم متعثرة، ورغم ذلك كان قريبًا في أكثر من مناسبة من إحراج كتيبة آرني سلوت وإدراك التعادل.
طوال 55 دقيقة، بدا نيوكاسل المنقوص ندًا حقيقيًا، بل وشكل خطورة في بعض الهجمات المرتدة، ما يطرح سؤالًا مقلقًا: كيف لفريق بحجم ليفربول أن يعاني بهذا الشكل أمام خصم منهار عدديًا وفنيًا؟
الأداء الباهت أعاد إلى الواجهة النقاش الذي سيطر على استوديوهات التحليل، وتحديدًا في شبكة "سكاي سبورتس"، حيث أجمع أساطير مثل تييري هنري وجيمي كاراجر على أن ليفربول، لكي ينافس بضراوة على كل الألقاب، يحتاج إلى مهاجم قناص من طراز ألكسندر إيزاك.
من وجهة نظرهم، ورغم وفرة الخيارات الهجومية مثل نونيز وجوتا ودياز، يفتقر الفريق إلى اللمسة الأخيرة الحاسمة والمهاجم رقم 9 الذي يترجم السيطرة إلى أهداف مؤكدة، وهو ما ظهر جليًا في إهدار فرص محققة كان يجب أن تحسم اللقاء، منطقهم واضح: المنافسة على القمة تتطلب آلة أهداف لا ترحم.
ولكن، هل إضافة مهاجم جديد هي الأولوية القصوى حقًا؟ ما فائدة امتلاك هجوم فتاك إذا كان دفاعك أشبه بـ"شوارع مفتوحة"؟ الكارثة الحقيقية التي كانت وشيكة أمام نيوكاسل لم تكن عقمًا هجوميًا، بل كانت فوضى دفاعية عارمة.
شاهدنا إبراهيما كوناتي يرتكب أخطاءً ساذجة في التمركز، والظهير الأيسر الجديد ميلوس كيركيز يظهر وكأنه تائه في الملعب، تاركًا خلفه مساحات شاسعة كادت أن تكلف الفريق غالياً ويتعامل بمنتهى السذاجة مع الكرة الهوائية التي جاء منها الهدف الأول.
الهشاشة الدفاعية لم تعد مجرد هفوات فردية، بل أصبحت نمطًا مقلقًا يهدد بنسف موسم الفريق بأكمله. فكيف يمكن بناء مشروع طموح أُنفق عليه الكثير على أساسات دفاعية مهترئة بهذا الشكل؟
هنا تكمن المفارقة، في ظل هجوم مكتظ بالأسماء، يبدو الحديث عن إيزاك نوعًا من الرفاهية، بينما أصبح التعاقد مع قلب دفاع من الطراز الرفيع ضرورة لا تقبل التأجيل.
الأسماء المطروحة قليلة ولكنها قد تكون حاسمة، يأتي على رأسها الإنجليزي مارك جيهي، صخرة دفاع كريستال بالاس، الذي يمتلك القوة والسرعة والقدرة على بناء اللعب من الخلف، وهي مواصفات يحتاجها سلوت بشدة.
اسم آخر قد يمثل حلاً هو غونسالو إيناسيو، مدافع سبورتنغ لشبونة، المعروف بذكائه التكتيكي وقدرته على اللعب في خط دفاع متقدم.
في النهاية، يواجه ليفربول خيارًا مصيريًا: إما الانصياع لبريق الأسماء الهجومية الكبيرة مثل إيزاك، أو معالجة الخلل الأكبر الذي يهدد استقرار المشروع.
ورغم أن الأهداف تجلب الانتصارات، فإن الدفاع القوي هو من يجلب البطولات، وقبل التفكير في إضافة قطعة لامعة للهجوم، يجب على ليفربول أولاً أن يبني جدارًا صلبًا، وإلا فإن مشروع سلوت باهظ الثمن قد ينهار قبل أن يبدأ.