في ليلة كروية مثيرة على ملعب مدينة الملك عبد الله الرياضية، أثبت نادي الاتحاد أنه "بمن حضر"، وأن قوته لا تكمن في فرد بل في قوة المجموعة، بعد أن دك حصون ضيفه الفتح برباعية مقابل هدفين، في قمة الجولة الثانية من دوري روشن السعودي للمحترفين.
هذا الفوز، الذي تحقق في غياب النجم الفرنسي الكبير كريم بنزيما بسبب الإصابة، لم يمنح "العميد" 3 نقاط ثمينة وضعته في صدارة الترتيب بالعلامة الكاملة فحسب، بل بعث برسالة واضحة لكل المنافسين: الاتحاد منظومة متكاملة لا تعتمد على لاعب واحد.
جماعية هجومية تعوض غياب "الحكومة"
دخل الاتحاد اللقاء وهو يفتقد خدمات قائده وهدافه الأول، كريم بنزيما، وهو ما أثار بعض القلق في نفوس الجماهير حول القدرة الهجومية للفريق.
لكن سرعان ما تبدد هذا القلق بفضل الأداء اللافت الذي قدمه الثلاثي الهجومي؛ الجزائري حسام عوار، الهولندي ستيفن بيرغوين، الفرنسي موسى ديابي، أثبت هؤلاء اللاعبون أنهم على قدر المسؤولية، وأن الاتحاد يمتلك حلولاً وبدائل قادرة على صنع الفارق.
افتتح حسام عوار التسجيل للاتحاد بهدف رائع أظهر فيه مهاراته الفردية العالية، ليؤكد قيمته كإضافة قوية لوسط وهجوم الفريق.
ولم يمهل ستيفن بيرغوين دفاعات الفتح وقتاً طويلاً لالتقاط الأنفاس، فقد سجل هدفين متتاليين (الثاني والثالث)، مستغلاً سرعته وقدرته على إنهاء الهجمات بشكل مثالي. ورغم أن موسى ديابي لم يسجل، فإن تحركاته المستمرة وسرعته في الاختراق شكّلت إزعاجاً دائماً لدفاعات المنافس وفتحت المساحات لزملائه. هذا التناغم والتألق من الثلاثي الهجومي أكد أن قوة الفريق تكمن في جماعيته وتنوع أسلحته، وليس في الاعتماد على نجم أوحد.
رسالة للمستقبل وموسم طويل
يعد هذا الانتصار أكبر من مجرد 3 نقاط، فهو بمرتبة استثمار ناجح في ثقة الفريق بنفسه وبقدرات لاعبيه. في موسم طويل وشاق، ينافس فيه الاتحاد على كل الجبهات الممكنة، بما في ذلك دوري أبطال آسيا الذي يتطلب نفساً طويلاً وعمقاً في قائمة اللاعبين، تأتي هذه المباراة لتؤكد أن غياب أي لاعب، مهما كان اسمه وحجمه، لن يشكل ضربة قاصمة للفريق.
إن القدرة على تعويض غياب نجم بحجم بنزيما وتسجيل أربعة أهداف هي دليل قاطع على أن الفريق يمتلك أكثر من خطة لعب وأكثر من مفتاح للفوز.
هذا الأمر سيمنح المدرب مرونة تكتيكية كبيرة في المستقبل، ويخلق حالة من المنافسة الإيجابية بين اللاعبين، حيث يدرك الجميع أن الفرصة ستأتي وأن عليه أن يكون جاهزاً لاستغلالها.
الفوز على الفتح في غياب "الحكومة" لم يكن مجرد انتصار في مباراة، بل كان بروفة ناجحة أثبتت أن سفينة "العميد" قادرة على الإبحار بقوة نحو أهدافها، بغض النظر عمن يقود خطها الأمامي.