لم يكن الإعلان عن عودة المدرب فوزي البنزرتي لقيادة النادي الافريقي التونسي بمثابة الخبر الأكثر ترقبا والمفاجأة السارة لدى مشجعي النادي، ولكنه منح الكثير من عشاق الفريق الأحمر والأبيض شعورا بالتفاؤل بتخطي الفترة الصعبة التي يمر بها فريقهم منذ سنوات عدة.
ورغم أن النادي تخلص من ديونه الثقيلة، ونجح في رفع عقوبة المنع من التعاقدات التي فرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في أكثر من مناسبة، فإن اليأس من عودة الفريق إلى منصة الألقاب لا يزال يدب في نفوس الجماهير لكون الفريق بات فاقدا لـ"جينات الألقاب" ولم يتحسس بعدٌ طريقه نحو منصة التتويجات.
وأقال النادي الإفريقي وهو الفريق الوحيد من بين الأربعة الكبار في الدوري التونسي، الذي لم يذق طعم الألقاب منذ عام 2018، مدربه محمد الساحلي بعد شهر واحد على تعيينه خلفا للفرنسي دافيد بيتوني.
وبعد إقالة محمد الساحلي في أعقاب خلافات حادة حول طريقة عمله وضعف أداء الفريق في أول مباراة ودية إعدادية، توصل النادي الإفريقي لاتفاق رسمي مع المدرب فوزي البنزرتي الذي ينتظر أن يتسلم مقاليد الفريق يوم الاثنين المقبل.
فوزي البنزرتي (75 عاما) سيعود للإفريقي من جديد وبعد نحو عام من رحيله عن النادي في مثل هذا الوقت من الموسم الماضي عندما غادر الفريق لتدريب منتخب تونس.
ورغم أن الفريق الأحمر والأبيض تنقصه الكثير من العوامل المؤثرة في طريق عودته للمنافسة على الألقاب، فإن هناك قناعة بأن الفترة المقبلة ستشهد تحقيق 5 مكاسب كبرى للنادي في موسم 2025 ـ 2026، والتي يسلط التقرير التالي الضوء عليها:
شخصية حديدية
يوصف فوزي البنزرتي بأنه المدرب الأكثر صرامة مع اللاعبين، لدرجة أن الكثير من المسؤولين يعتقدون بشكل راسخ أنه قادر على أن يصنع من مجموعة متواضعة من اللاعبين فريقا قادرا على الوقوف بقوة من أجل المنافسة على الأدوار الأولى.
وسبق للبنزرتي بالفعل أن أكد تلك المقاربة مع عدة أندية، لم يكن آخرها بعيدا زمنيا، عندما تولى تدريب الاتحاد المنستيري وقاده لمنافسة الترجي على اللقب حتى الجولة قبل الأخيرة، ثم انتزع المركز الثاني المؤهل لدوري أبطال إفريقيا بعد أن خسر لقب الدوري.
ساهمت شخصية فوزي البنزرتي، الهادئة مع اللاعبين خارج المستطيل الأخضر، والصدامية أثناء المباريات والتدريبات في دفع الأندية التي دربها نحو تقديم أداء مثالي، وحصل ذلك حتى مع النجم الساحلي في 2023 عندما قاده للتتويج بلقب الدوري بعد أن بدأ الموسم طامحا فقط للحصول على مركز ضمن الأربعة الأوائل.
ويعتبر الكثير من الملاحظين أن أكبر مكسب للاعبي الإفريقي حاليا وللنادي بوجه عام هي طباع فوزي البنزرتي رغم أنها قادته أحيانا للرحيل عن النادي بشكل مفاجئ بعد اكتشاف عدم قدرته على السيطرة داخل المجموعة وتغييرها نحو الأفضل.
خبرة محلية وقارية
يملك فوزي البنزرتي خبرة كبيرة على الصعيد المحلي والإفريقي لكونه المدرب التونسي والعربي الأكبر سنا حاليا، والأكثر استدامة في النشاط لمدة مواسم متتالية.
وبدأ البنزرتي مشواره التدريبي الاحترفي أواخر السبعينيات من القرن الماضي، ولا يزال يمارس مهنته في مستوى عال لما يقارب 40 عاما.
وتوج البنزرتي بما يقارب 23 لقبا مع الأندية التي دربها، وأكثرها مع الترجي التونسي الذي قاده للتتويج بطلا لإفريقيا 1994 فضلا عن بلوغه نهائي دوري أبطال إفريقيا مع الترجي في 2010 ومع الوداد المغربي في 2019.
وحتى مع النادي الإفريقي، نجح البنزرتي في قيادة الفريق للتتويج بطلا للدوري التونسي 1990، وفي العام نفسه تأهل لنهائي كأس الكؤوس الإفريقية ثم عاد بعد أكثر من 20 عاما وقاد الفريق لنهائي الكونفدرالية قبل الخسارة ضد المغرب الفاسي.
وتشكل خبرة البنزرتي القارية والمحلية إحدى الدعائم الكبيرة للنادي الإفريقي لتحسس طريقه من جديد نحو المراهنة على الألقاب.
رفع سقف طموحات النادي
يمكن اعتبار عودة البنزرتي للإفريقي مكسبا كبيرا بالنسبة لمجلس الإدارة الجديد الذي سيكون أمام اختبار حقيقي ومهمة كبرى لاستعادة ثقة الجماهير.
وبعد انتخاب محسن الطرابلسي رئيسا جديدا للنادي في يونيو الماضي، يسعى النادي الإفريقي إلى العودة تدريجيا إلى الواجهة ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن الإدارة الحالية تفتقر للخبرة والمعرفة بالتسيير والطموح نحو الألقاب.
وفي مقابل طموح الهيئة الجديدة وفقدانها للخبرة الكافية، سيكون فوزي البنزرتي في الضفة الأخرى العنصر القوي داخل الإفريقي من أجل رفع سقف طموحات النادي لكونه لم يتولّ تدريب ناد إلا من أجل قيادته للألقاب والتطلع إلى تحقيق نتائج إيجابية عاجلة وليست طويلة المدى.
دراية بمنافسي الإفريقي
يمكن القول إن البنزرتي هو المدرب الأكثر تداولا على النوادي الكبرى في الدوري التونسي، وهو الذي درب تقريبا نصف أندية البلاد.
وبجانب 7 عهدات على رأس الإفريقي، بما فيها العهدة المقبلة المرتقبة، درب البنزرتي الترجي التونسي في 4 مناسبات، وأشرف على النجم الساحلي ، وعلى الاتحاد المنستيري في مثلها.
ودرب البنزرتي النادي الصفاقسي والملعب التونسي ما يعني أنه يعرف كل منافسي الإفريقي في الدوري وهو مكسب كبير للنادي كون المدرب مطلع على الخصوم في موسم يطمح فيه النادي إلى العودة للمنافسة.
من الواضح أن عودة فوزي البنزرتي لتدريب الإفريقي للمرة السابعة في مشواره لن تقتصر فوائدها على الفريق، بل سيكون النجاح حافزا كبيرا للمدرب نفسه لكونه اقترب من نهاية مشواره التدريبي ومسيرته الرياضية.
وببلوغه عامه السادس والسبعين في العام المقبل، يبدو على الأرجح أن البنزرتي سينهي مشواره في النادي الإفريقي وهو الفريق الذي رافقه في عديد المراحل الفارقة من مسيرته وخصوصا في موسم 1989 ـ 1990 عندما تأهل معه لأول نهائي قاري وتوج معه باللقب المحلي بعد غياب دام 10 سنوات.
ويطمح البنزرتي إلى إنهاء مسيرته في كرة القدم بمجد كروي جديد وأخير وهو ما يمنحه دفعا كبيرا لقيادة رفاق الدولي الليبي علي يوسف إلى تذوق طعم الألقاب للمرة الأولى منذ 8 سنوات.