مع صافرة نهاية مباراة النصر والأخدود، والتي انتهت بثلاثية نظيفة استعرض فيها "العالمي" قوته الضاربة، لم يكن الحديث في المدرجات أو استوديوهات التحليل يدور حول مجرد 3 نقاط أضيفت للرصيد، بل حول سؤال أكبر بات يتردد صداه بقوة في أروقة الشارع الرياضي السعودي: هل حسم النصر لقب دوري روشن لموسم 2025-2026 مبكرًا؟
لغة الأرقام لا تكذب، وما يقدمه الفريق تحت قيادة الداهية البرتغالي جورجي جيسوس يتجاوز مجرد بداية جيدة، ليتحول إلى إعصار يكتسح الأخضر واليابس.
ونستعرض في التقرير الآتي 5 مؤشرات فنية ورقمية تؤكد أن الذهب قد يكون في طريقه للعودة إلى خزائن "الأصفر" إذا استمر هذا النسق المرعب.
1. سطوة العلامة الكاملة
أن تصل إلى الجولة العاشرة وفي جعبتك 30 نقطة من أصل 30 ممكنة، هو أمر يتعدى كونه إنجازًا رقميًّا؛ إنه رسالة إرهاب كروي للمنافسين.
النصر لم يترك أي مجال للصدفة، محققًا سلسلة انتصارات متتالية تزرع الشك في قلوب الخصوم قبل نزولهم لأرض الملعب، هذا الرصيد النقي يعطي الفريق أريحية نفسية هائلة، ويصدر الضغط بالكامل إلى الملاحقين الذين يدركون أن أي تعثر يعني توسيع الفارق إلى نقطة اللاعودة.
2. تنوع الحلول: ليست فرقة الرجل الواحد
رغم أن الأسطورة كريستيانو رونالدو لا يزال يمارس هوايته في دك الشباك، كما حدث بثنائيته في الأخدود، فإن مكمن القوة الحقيقي في نصر 2026 هو اللامركزية.
الفريق لم يعد يعتمد على حل فردي؛ شاهدنا جواو فيليكس يسجل، وشاهدنا المدافعين يتحولون لصناع لعب، كما فعل عبدالإله العمري ببراعة.
عندما يمتلك الفريق ظهيرين وأجنحة ولاعبي وسط مثل بروزوفيتش قادرين على التسجيل والصناعة بنفس كفاءة المهاجمين، تصبح مراقبة مفاتيح اللعب مهمة مستحيلة للخصوم.
3. شخصية البطل: من حضر يكفي
المؤشر الأكثر رعبًا للمنافسين هو قدرة النصر على الفوز بأي تشكيل، غاب ساديو ماني، وغاب صخرة الدفاع سيماكان، ومع ذلك لم يهتز الفريق.
منظومة جيسوس خلقت فريقًا يمتلك شخصية البطل التي لا تتأثر بالغيابات، البدلاء ينزلون للملعب بنفس حماسة وجودة الأساسيين، وتطبيق التدوير يتم بسلاسة تجعل الفريق يبدو وكأنه آلة لا تتوقف عن العمل مهما تغيرت التروس بداخلها.
4. بصمة جيسوس والاستقرار الفني
لا يمكن إغفال دور العراب جيسوس، الاستقرار الفني الذي يعيشه النصر حاليًا هو الثمرة الحقيقية للصبر على المشروع.
جيسوس لم يبنِ فريقًا يهاجم فقط، بل بنى منظومة دفاعية متقدمة تجيد نصب مصيدة التسلل وتعرف متى تضغط ومتى تتراجع.
ثقته في لاعبيه (مثل دفاعه عن العقيدي والعمري) خلقت جوًّا من الولاء والقتالية داخل غرفة الملابس، وهو ما ينعكس بوضوح على أرض الملعب.
5. تعثر المنافسين واتساع الفجوة
بينما يسير النصر بسرعة القطار السريع، يعاني المنافسون المباشرون من مطبات متكررة. الفارق الذي وصل إلى 4 نقاط مع الغريم التقليدي الهلال في مرحلة مبكرة من الموسم يمنح النصر أفضلية إستراتيجية.
هذا الفارق يجبر المنافسين على اللعب تحت ضغط الفوز الحتمي؛ ما يولد الأخطاء والتسرع، بينما يلعب النصر بأعصاب هادئة وثقة المتصدر.
الخلاصة
صحيح أن الدوري لا يزال طويلًا، وأن كرة القدم لا تعترف إلا بصافرة النهاية في الجولة الأخيرة، ولكن المعطيات الحالية تقول بوضوح: النصر يمتلك كل مقومات البطل، وإذا نجح الفريق في تجنب فخ الغرور وحافظ على هذا النسق التصاعدي، فإن مشهد التتويج قد يكون مسألة وقت ليس إلا.