في "قلعة الكؤوس"، لم يعد هناك مكان للعواطف، ولا حصانة للأسماء الكبيرة. يبدو أن إدارة الأهلي السعودي، وبالتنسيق الكامل مع اللجنة الفنية، قررت رفع شعار "البقاء للأصلح تكتيكياً" وليس "الأشهر اسمياً".
الأيام القليلة الماضية شهدت زلزالاً صامتاً داخل أروقة النادي، حيث يتم التجهيز لغربلة شاملة في الميركاتو الشتوي القادم، تهدف لإعادة تشكيل هوية الفريق بما يخدم أفكار المدرب ماتياس يايسله، بعيداً عن ضجيج النجومية.
من ضجيج ما يحدث وبالنظر لظروف الفريق فالقائمة السوداء -أو قائمة المغادرين المحتملين- قد تتسع بناء على التحليلات الأخيرة لتشمل 5 أسماء من العيار الثقيل، في مفاجأة قد تقلب موازين الفريق في النصف الثاني من الموسم:
لعل الاسم الأكثر جدلاً في هذه القائمة هو البلجيكي الشاب ماتيو دامس. اللاعب الذي جدد عقده مؤخراً وقدم مستويات لافتة في المباريات الأخيرة، وجد نفسه فجأة خارج الحسابات. القرار الذي وصفه الكثيرون بـ"الغريب" يعكس توجه اللجنة الفنية الجديد: الأداء الجيد وحده لا يكفي إذا لم يكن اللاعب قطعة "بازل" مثالية في المشروع المستقبلي. خروج دامس يبدو أنه أولى خطوات التضحية بالعناصر الجيدة من أجل جلب عناصر "ممتازة" تخدم المراكز الحساسة.
لم يشفع السجل التهديفي أو الاسم الكبير للمهاجم الإنجليزي إيفان توني في منحه صك الأمان. توني وضع رسمياً "تحت الميكروسكوب" حتى فترة الانتقالات الشتوية. الرسالة واضحة: الإدارة تبحث عن مهاجم يخدم المنظومة الجماعية وليس مجرد لاعب داخل الصندوق. استمرار توني مرهون بمدى قدرته على إقناع يايسله بأنه قادر على التطور تكتيكياً خلال الأسابيع القليلة القادمة وعلى الالتزام فنيًا وفي جوانب أخرى، وإلا فإن بديله قد يكون جاهزاً على الطاولة.
الضلع الثالث في مثلث "التقييم الشتوي" هو الفرنسي إنزو ميلوت. رغم الآمال الكبيرة التي عقدت عليه، إلا أن مردوده لم يكن مقنعاً بالقدر الكافي لضمان مكانه.
اللجنة الفنية ترى أن خط الوسط يحتاج لديناميكية مختلفة، وميلوت بات مطالباً بتقديم "شيء استثنائي" قبل يناير لإنقاذ مسيرته مع الراقي، وإلا فإن باب الخروج سيكون مفتوحاً له ولتوني على مصراعيه.
لم يكن الحديث عن تأجيل ملف تجديد عقد النجم الجزائري رياض محرز مجرد شائعات عابرة، بل كان تمهيداً لما هو أعمق. وضع اسم محرز ضمن قائمة المهددين بالرحيل يعكس تحولاً جذرياً في سياسة النادي.
الجناح الطائر الذي طالما أسعد المدرجات، يواجه الآن شبح الرحيل في ظل رغبة الإدارة في ضخ دماء شابة وأكثر حيوية على الأطراف. الرسالة وصلت: تاريخك يشفع لك، لكنه لا يضمن بقاءك.
المفاجأة المدوية قد تكون في طرح اسم "الرئيس" فرانك كيسييه. رغم كونه ركيزة أساسية، إلا أن وضعه ضمن هذه القائمة يؤكد جدية "ثورة التصحيح". التقييم المالي مقابل الفني، ورغبة النادي في تخفيف فاتورة الأجور مع رفع الجودة الفنية في وسط الميدان، قد تجعل كيسييه ضحية لهذه الغربلة، خاصة إذا توفر بديل أصغر سناً وأكثر مرونة تكتيكية.
الأهلي مقبل على شتاء ساخن جداً. ما يحدث ليس مجرد تغيير لاعبين، بل هو تغيير في "العقلية". الإدارة قررت أن الفريق الذي يريد منصات التتويج لا يُبنى بالأسماء الرنانة، بل باللاعبين الذين يخدمون الخطة. الخمسة الكبار تحت المقصلة، والأيام القادمة ستكشف من سينجو ومن سيكون ضحية "الأهلي الجديد".
