لم تكن ليلة عادية في ملعب مولاي عبد الله، ولم يكن الفوز الذي حققه المنتخب المغربي على نظيره الزامبي مجرد ثلاث نقاط عابرة في ختام دور المجموعات.
النتيجة العريضة (3-0) والأداء المهيمن حوّلا المباراة إلى بيان شديد اللهجة موجه لكبار القارة السمراء، مفاده أن أسود الأطلس قد كشروا عن أنيابهم الحقيقية في الوقت المناسب تماماً.
وبقراءة فاحصة لمجريات اللقاء، يمكن استخلاص 5 رسائل مرعبة وجهتها كتيبة وليد الركراكي للمنافسين، تشكل في مجملها جرس إنذار لا يمكن تجاهله لأي طامح في اللقب القاري:
الرسالة الأولى والأقوى جاءت عبر قدمي أيوب الكعبي. المهاجم الذي ظل لفترة خياراً بديلاً، فقد قرر أن يقلب الطاولة على الجميع. تسجيله لثنائية ببرود أعصاب وتحركاته الذكية داخل الصندوق أثبتت أن المغرب يمتلك الآن حلاً هجومياً جديداً لا يقل خطورة عن يوسف النصيري.
تألق الكعبي وضع الركراكي في حيرة لذيذة، وأرسل تحذيراً لدفاعات الخصوم بأن مراقبة العناصر الأخرى لم تعد تكفي، فالخطر قد يأتيهم من حيث لا يحتسبون.
الرسالة الثانية تمثلت في الاندماج الكامل للنجم إبراهيم دياز. انتهت مرحلة جس النبض، وبدأ نجم ريال مدريد في ممارسة هوايته المفضلة: الحسم.
دياز لم يكتفِ بالمهارات الفردية، بل كان تأثيره مباشراً وفعالاً بتسجيل الهدف الثاني وصناعة الفارق في الثلث الأخير. لقد أثبت أمام زامبيا أنه القطعة التي كانت تنقص وسط ميدان الأسود لتحويل السيطرة العقيمة إلى أهداف محققة، مانحاً الفريق شخصية البطل التي يفتقدها الكثيرون.
لعل أكثر ما يرعب الخصوم ليس الـ 11 لاعباً في الملعب، بل من يجلسون خارجه. الرسالة الثالثة كمنت في نجاح سياسة التدوير بامتياز. غامر الركراكي بإراحة أعمدة رئيسة في البداية، ومع ذلك لم يهتز إيقاع الفريق شعرة واحدة. هذا العمق في التشكيلة يؤكد أن المغرب يمتلك فريقين جاهزين للمنافسة بالجودة نفسها، وهو سلاح استراتيجي لا يقدر بثمن في البطولات المجمعة الطويلة التي تتطلب نفساً طويلاً.
وسط كرنفال الأهداف، برزت الرسالة الرابعة: الصلابة الدفاعية. الحفاظ على نظافة الشباك أمام فريق يمتلك سرعات مثل زامبيا يعكس نضجاً تكتيكياً كبيراً للمنظومة الدفاعية المغربية.
التوازن بين الاندفاع الهجومي والتأمين الدفاعي كان مثالياً، ليؤكد الأسود أن مرمى بونو ليس مستباحاً، وأن الوصول إليه يتطلب معجزة كروية.
أخيراً، كانت لغة الأرقام هي الرسالة الخامسة والأشد وطأة. التأهل في صدارة المجموعة برصيد 7 نقاط، وبانتصار كاسح بثلاثية، يمارس ضغطاً نفسياً هائلاً على الخصم القادم في دور الـ 16.
المغرب لم يفز وحسب، بل سحق منافسه، مصدراً حالة من الرعب الكروي تؤكد أن الطريق إلى الكأس يمر حتماً عبر عرين الأسود، وأن المنتخب المغربي لا يقبل بأقل من الذهب في نسخة 2025.
باختصار، أغلق المغرب صفحة المجموعات بأفضل سيناريو ممكن، تاركاً القارة بأكملها تفكر في سؤال واحد: من يجرؤ على إيقاف هذا الزحف المغربي؟