يعيش دوري روشن السعودي للمحترفين هذا الموسم مفارقة فريدة من نوعها، قد تكون الأكثر جنونًا منذ انطلاق حقبة الاستقطابات العالمية، فعلى الرغم من الأسماء الرنانة والمليارات التي أُنفقت، يبدو الأربعة الكبار (النصر، الهلال، الأهلي، الاتحاد) في حالة من التيه الفني، والنتيجة هي صدارة عالمية لا تقنع أحدًا، ومطاردون يعانون الأمرين، وجماهير لا تجد ما يرضي طموحاتها.
المشهد الحالي يطرح سؤالاً صادمًا، هل نحن بصدد مشاهدة تتويج البطل الأسوأ كأداء في تاريخ الدوري الحديث؟ بطل لا يفرض هيمنته، بل يغتنم فرصة السقوط الجماعي لمنافسيه.
الفارق بين النصر والبقية
الفارق الجوهري الذي يصنعه النصر، متصدر الترتيب، أنه يمتلك القدرة على جمع النقاط حتى في أسوأ أيامه، وهو ما يفشل فيه الآخرون.
لكن هذا النجاح الرقمي لا يعكس واقعاً فنياً باهراً، فالفريق الذي يضم كريستيانو رونالدو وساديو ماني بدا بلا أنياب حقيقية في كثير من المحطات، وخير دليل على ذلك انتصاره الأخير الدرامي على الفيحاء (2-1)، الذي جاء بشق الأنفس وفي الدقائق الأخيرة.
هذا الفوز غير المقنع أنقذ الموقف مؤقتاً، فلو كان النصر قد تعادل، لكانت الأجواء قد اشتعلت، خصوصاً أن الفريق لم يلملم جراحه بعد من الخروج الصادم من كأس الملك على يد الاتحاد، الذي يعيش هو نفسه أسوأ فتراته الفنية والإدارية. هذا الخروج يثبت أن النصر الحالي فريق يهتز ويمكن هزيمته، حتى من خصم في حالة موت سريري.
ماذا عن البقية؟
وإذا كان هذا حال المتصدر، فماذا عن المطاردين؟ الهلال، الذي يبدو ظاهرياً في وضع جيد كمنافس على القمة، يعيش حالة من عدم الرضا الداخلي والخارجي.
المدرب الإيطالي سيميوني إنزاغي يواجه عاصفة من الانتقادات بسبب الأداء الباهت والنتائج التي تأتي لكن بعد الكثير من الصعوبة، وهو ما لا يتناسب مع هوية "الزعيم" الهجومية التي اعتادت عليها جماهيره.
أما الأهلي، فحدث ولا حرج. الفريق تحول إلى آلة لنزيف النقاط، خاصة بالتعادلات المتكررة، فبعد بداية مبشرة بالفوز بالسوبر، دخل الفريق في دوامة من تذبذب المستوى وفقدان الهوية داخل الملعب، ليبتعد تدريجياً عن سباق الصدارة الذي كان أحد أبرز المرشحين له.
ويبقى الاتحاد هو الضلع الأكثر إيلاماً في المربع. "العميد" لا يحتاج إلى تعليق، فنتائجه تتحدث عن نفسها. حالة من الفوضى العارمة، وغياب تام للاستقرار الفني، وتغيير للمدربين لم يأتِ بجديد، ليتوه حامل اللقب في وسط الجدول.
هذه الفوضى الجماعية للأربعة الكبار هي ما تخدم النصر، ففي موسم يعاني فيه الجميع، يبدو أن الفوز بالدوري لن يكون لمن يقدم الأداء الأجمل أو الأكثر إقناعاً، بل لمن يمتلك الحد الأدنى من الفعالية لحسم المباريات.
وإن استمر النصر في خطف النقاط بهذا الشكل غير المقنع، واستمر الآخرون في تعثرهم، فقد نشهد بالفعل بطلاً تمنحه الظروف اللقب، وليس مستواه الفني.
