يبدو أن نادي النصر السعودي يرفض التعلم من دروس الماضي، ويُصر على تكرار أخطاء الآخرين، في مُفارقة غريبة تُثير الكثير من التساؤلات حول مدى وعي الإدارة الفنية للنادي بالتحديات التي تواجهها.
ففي وقت يُعاني فيه الفريق من تراجع في النتائج على المستوى المحلي، وتضاؤل فرصه في المنافسة على لقب الدوري، خرجت تصريحات الإعلامي الرياضي عبد العزيز الصرامي لتُشير إلى أن المدرب ستيفانو بيولي قد منح لاعبيه إجازة لمدة 48 ساعة بعد عودتهم من الإجازة السابقة، وذلك في يومي 31 ديسمبر و1 يناير، وهو ما يُعد قراراً غريباً في هذا التوقيت الحساس من الموسم، حيث يحتاج الفريق إلى تكثيف تدريباته ومُعالجة أخطائه للعودة إلى سكة الانتصارات.
وأضاف الصرامي أن إدارة النصر الفنية، ليست مُقتنعة بقدرة الفريق على تحقيق أي إنجاز هذا الموسم، ومن ثم فقد "باعوا القضية".
ويأتي هذا الكلام في ضوء الإجازة الطويلة التي حصل عليها اللاعبون، وعدم إقامة أي مُعسكر أو خوض أي مباريات ودية استعداداً للمرحلة المُقبلة، بالإضافة إلى إلغاء المباراة الودية التي كان من المُقرر أن يجمع الفريق بنادي فنزويلي، دون توفير بديل مناسب؛ ما يُعطي انطباعاً بأن الفريق لا يأخذ الأمور على محمل الجد، وأن هناك استهتاراً بالمرحلة المُقبلة.
فرص ضائعة.. ومكاسب محتملة
هذه التصرفات "الانهزامية" تُثير القلق بشأن مستقبل "العالمي" هذا الموسم، وتُطرح التساؤلات حول الهدف من استمرار الفريق في المنافسات إذا كانت الإدارة نفسها غير مُقتنعة بقدرته على تحقيق أي شيء.
ولكن في مقابل ذلك، يُمكن للنصر أن يستغل هذا الموسم لتحقيق بعض المكاسب، والتأسيس لمرحلة جديدة أكثر نجاحاً، وذلك من خلال استغلال الوقت المُتبقي من الموسم في بناء الفريق وتطوير أدائه، وإعداد اللاعبين بشكل جيد للموسم القادم، بدلاً من الاستسلام لليأس وترك الأمور تسير بشكل عشوائي.
مكاسب يستطيع النصر حصدها من الموسم
دوري أبطال آسيا للنخبة: يُمكن للنصر أن يُركز جهوده على المنافسة في البطولة القارية، والتي أوشكت مرحلة خروج المغلوب فيها على البدء؛ ما يُتيح للفريق فرصة أكبر في تحقيق اللقب، حتى وإن كان لا يُقدم أفضل مستوياته.
فقد شهدت البطولة في السنوات الأخيرة تتويج فرق لم تكن مرشحة للقب، ولعل أبرز مثال على ذلك هو تتويج نادي أوراوا ريد دايموندز رغم أنه لم يكن يُقدم أفضل مستوياته محلياً.
بطولة الأندية العربية: تُمثل بطولة الأندية العربية فرصة أخرى للنصر للتتويج بلقب، وإضافة بطولة جديدة إلى خزائنه، وتُعد هذه البطولة فرصة جيدة للفرق العربية للتنافس على لقب قاري، وإثبات وجودها على الساحة القارية.
تجربة بيولي لأسماء شابة: يُمكن للمدرب الإيطالي أن يستغل هذا الموسم لتجربة بعض اللاعبين الشباب، ومنحهم فرصة المشاركة في المباريات؛ ما يُساهم في تكوين جيل جديد من اللاعبين القادرين على خدمة الفريق في المستقبل.
وقد أثبتت هذه الاستراتيجية نجاحها مع العديد من الأندية العالمية، ولعل أبرز مثال على ذلك هو برشلونة الإسباني، الذي اعتمد في فترة من الفترات على اللاعبين الشباب من أبناء أكاديمية "لا ماسيا"، وحقق معهم العديد من الألقاب.
إنهاء الموسم بقوة: حتى وإن كان النصر لا ينافس على لقب الدوري، فإنه يجب عليه أن يُنهي الموسم بقوة، ويُقدم مستويات مُشرفة، للحفاظ على هيبة الفريق، ورفع معنويات اللاعبين والجماهير.
فإنهاء الموسم بشكل جيد يُعطي انطباعاً بأن الفريق يمتلك شخصية قوية، وأن لديه القدرة على تجاوز الصعوبات؛ ما يُسهم في رفع معنويات اللاعبين والجماهير قبل بداية الموسم المقبل.
تجديد عقد رونالدو: يُعد كريستيانو رونالدو أحد أهم لاعبي النصر، ويجب على الإدارة أن تعمل على تجديد عقده، للحفاظ على استقرار الفريق، وضمان استمراره في تقديم مستويات مُميزة.
فالنجم البرتغالي هو لاعب من طراز خاص، ويُعد قدوة للعديد من اللاعبين الشباب، وبقاؤه في النصر سيُساهم في جذب المزيد من النجوم إلى الفريق، وبالتأكيد لن يوقع التجديد وهو يرى فريقاً انهزامياً لا يقدم أي علامات على التنافس.
الأهلي ويايسله: نموذج يُحتذى به
في مقابل هذا التوجه "الانهزامي" من النصر، يُقدم النادي الأهلي السعودي مثالاً يُحتذى به في كيفية التعامل مع الظروف الصعبة.
فرغم أن "الراقي" يُعاني هو الآخر من تراجع في النتائج على المستوى المحلي، إلا أن مدربه ماتياس يايسله أكد أنه سيُقاتل من أجل الفوز بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة، وأن فريقه قادر على تحقيق هذا الإنجاز، وهو ما يعكس شخصية الفريق القتالية، وإصراره على تحقيق البطولات، رغم جميع الصعوبات.
ويُمثل هذا التوجه الإيجابي من يايسله درساً مهماً لبيولي وإدارة النصر؛ إذ يُؤكد أن الإصرار والعزيمة يُمكن أن يُحققا المعجزات، وأن الفريق قادر على تجاوز صعوباته إذا توفرت الإرادة والرغبة في النجاح، وأن الاستسلام لليأس والإحباط لن يُؤدي إلّا إلى المزيد من التراجع والفشل.
وحتى لو لم يحقق دوري أبطال آسيا للنخبة، فيكفيه التحدث علناً بشكل فيه بعض التحدي والرغبة وعدم الاستسلام للواقع الحالي.
ختاماً: التعلم من الدروس والتطلع للمستقبل
يجب على النصر أن يُعيد النظر في طريقة تعامله مع الأزمة الحالية، وأن يتعلم من دروس الماضي، وأن يستلهم التجربة الإيجابية للأهلي ومدربه يايسله.
فلا يزال هناك وقت للتصحيح، ولا يزال بإمكان النصر أن يخرج من هذا الموسم ببعض المكاسب التي تُساعده على بناء مستقبل أفضل، وأن يركز على تحقيق الأهداف المُمكنة، وأن يعمل على رفع معنويات اللاعبين والجماهير، وأن يؤمن بقدرة الفريق على تجاوز هذه المرحلة الصعبة.