قد تخدعك لوحة النتائج فتقرأ مصر 2 - زيمبابوي 1، وقد يأسرك سيناريو الريمونتادا والهدف القاتل لمحمد صلاح في الدقيقة 92، لكن الحقيقة التي يجب أن تقال بصوت عالٍ قبل فوات الأوان هي: المنتخب المصري في خطر.
نعم، حصد الفريق النقاط الثلاث في مستهل مشوار الكان بالمغرب، لكن ما حدث على أرض الملعب طوال 90 دقيقة لم يكن كرة قدم تليق بمرشح للقب، بل كان فصلاً من العشوائية كاد ينتهي بكارثة تاريخية أمام منتخب متواضع فنياً وتكتيكياً مثل زيمبابوي.
النشوة بالفوز يجب ألّا تنسينا أن الفريق كان رد فعل طوال المباراة، وأن هناك 5 كوارث فنية وانضباطية ظهرت بوضوح، ولو تكررت أمام الوحوش الأفريقية مثل السنغال أو المغرب صاحب الأرض، ستكون النتيجة قاسية جداً.
ما حدث من محمد الشناوي في التعامل مع تلك الكرة العرضية السهلة لم يكن مجرد خطأ عابر، بل هو مؤشر مرعب على اهتزاز الثقة.
كرة سهلة كادت تفلت من يده وتسكن الشباك لولا العناية الإلهية. حارس مصر الأول بدا مهتزاً، وقراراته في الخروج من المرمى كانت متأخرة. أمام مهاجمين من طراز عالمي في الأدوار القادمة، هذه الأخطاء لا تُغتفر ولن تمر بسلام كما مرت أمام مهاجمي زيمبابوي.
هدف زيمبابوي في الدقيقة 20 لم يأتِ من جملة تكتيكية معقدة، بل من خطأ بدائي في التمركز. كيف يُترك مهاجم الخصم وحيداً داخل المنطقة في بطولة مجمعة؟ قلبا الدفاع والظهيران كانوا في حالة توهان كامل، وكأنهم يتعرفون على بعضهم لأول مرة. غياب التغطية العكسية وسوء الترحيل الدفاعي جعل مرمى مصر مستباحاً في هجمات كان يمكن وأدها مبكراً.
قبل نزول أحمد سيد زيزو، كان خط وسط منتخب مصر عبارة عن ترانزيت يمر منه لاعبو زيمبابوي بكل أريحية. كانت هناك فجوة مرعبة بين خط الدفاع والهجوم، غاب الضغط العالي، وغابت المساندة الدفاعية. المنافس كان يصل لمنطقة الفراعنة بعدد قليل من التمريرات؛ لأن وسط الملعب كان غائباً تماماً عن المشهد، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول التشكيل الأساسي وقراءة الجهاز الفني للمباراة.
في وقت يحتاج فيه المنتخب لكل دقيقة وكل مجهود للعودة في النتيجة، قرر تريزيغيه اللجوء للتمثيل داخل منطقة الجزاء ليحصل على إنذار مجاني.
هذا التصرف لا يعكس فقط غياب الحلول، بل يعكس قلة انضباط وتوتر غير مبرر من لاعب خبير دولياً. هذا الإنذار قد يكلفنا غيابه في مباريات حاسمة لاحقاً، والاعتماد على الحيلة بدلاً من اللعب المباشر هو دليل ضعف وليس دهاء.
أن تظل عاجزاً عن التسجيل لمدة 63 دقيقة أمام دفاع زيمبابوي الهش هو الكارثة الكبرى. مصر تملك صلاح ومرموش ومصطفى محمد، ومع ذلك غابت الفاعلية والشراسة. الهدف الأول جاء بمجهود فردي بحت من مرموش، والثاني بلمحة عبقرية من صلاح، لكن أين الجمل التكتيكية؟ أين الاختراق المنظم؟ العجز عن فك شفرات دفاعات ضعيفة يعني معاناة الأمرين أمام الدفاعات المنظمة والحديدية في الأدوار الإقصائية.