يعيش النادي الأهلي السعودي حالة من التناقض المحير، الفريق يحقق انتصارات آسيوية مهمة ويحافظ على سجلٍ مذهلٍ خالٍ من الهزائم، لكن أداءه في الدوري المحلي لا يزال متذبذبًا ومقلقًا.
وهذا التذبذب تحديدًا هو ما يثير قلق الجماهير، خاصة مع اقتراب ديربي جدة الحاسم أمام الغريم التقليدي الاتحاد. هذه المواجهة لا تقبل أنصاف الحلول، وتتطلب أن يكون الفريق في أفضل حالاته.
وفي قلب هذه المعضلة يقف النجم الجزائري رياض محرز، اللاعب الذي جاء ليكون أيقونة المشروع، لكنه تحول إلى اللغز الأكبر الذي يواجه المدرب ماتياس يايسله.
لكن مباراة السد الأخيرة في دوري أبطال آسيا للنخبة، ورغم صعوبتها، قدمت لـيايسله خطة إنقاذ وحلًا ثوريًّا قد يغير موسم الأهلي بالكامل. فهل يمتلك المدرب الألماني الجرأة لاتخاذ القرار الذي قد ينقذ محرز، وينقذ الفريق معه قبل المواجهة المرتقبة؟
المعضلة: الملك المقيد على الخط
المشكلة التي واجهت يايسله منذ بداية الموسم واضحة: كيف تستفيد من ساحر بحجم رياض محرز، الذي يمتلك قدمًا يسرى من ذهب، دون أن تقتل المنظومة الدفاعية للفريق؟
تمركُز محرز كجناح أيمن تقليدي يضعه في صدام مستمر مع لياقته البدنية؛ فهو مطالب بأدوار دفاعية مرهقة لا يتفوق فيها، ومجهوده البدني المحدود يجعله يختفي في أجزاء كثيرة من المباريات، هذا الوضع جعل جمهور الأهلي ينقسم، وبدأت أصوات تتعالى تنتقد لامبالاة النجم الجزائري وتطالب بإجلاسه على الدكة.
الحل السحري: الهدف الذي كشف كل شيء
جاء الفوز على السد ليقدم الحل على طبق من ذهب، هدف رياض محرز الأول لم يأتِ من مهارة فردية على الخط الجانبي، بل جاء من اختراق ذكي للعمق. هذه اللقطة لم تكن صدفة، بل كانت إشارة واضحة ليايسله بأن مكان محرز الحقيقي ليس على الطرف، بل في قلب الملعب كصانع ألعاب حر أو مهاجم ثانٍ.
هذا القرار الثوري، بتحويل محرز من جناح إلى صانع ألعاب، سيحل معضلة يايسله بالكامل. فبذلك، يتم تحرير محرز من سجن الواجبات الدفاعية المرهقة، ويتم وضعه في المنطقة التي يبدع فيها: بين الخطوط، حيث يمكنه استغلال ذكائه الفذ في التمرير والتسديد.
ثورة تكتيكية.. مكان للجميع
هذا التغيير لن ينقذ محرز فحسب، بل سيحرر الفريق بأكمله. فمع عودة النجم البرازيلي غالينو، سيتمكن يايسله أخيرًا من اللعب بـمثلث رعب هجومي: غالينو يعود لمركزه المفضل في الجناح الأيسر، والمتألق ماتيوس جونسالفيس ينتقل لمركزه الطبيعي في الجناح الأيمن، وفي العمق يقف المايسترو رياض محرز ليوزع التمريرات خلف المهاجم الصريح.
هذه الخطة ستمنح الأهلي قوة هجومية ضاربة من الأطراف والعمق في آن واحد، وهو بالضبط ما يحتاجه الفريق لكسر تكتلات المنافسين في الدوري.
الديربي هو الاختبار
يبقى التحدي الأكبر أمام يايسله هو التوقيت. نعم، قد يفقد الأهلي سلاح عرضيات محرز المتقنة إذا انتقل للعمق، لكنها مخاطرة يجب على المدرب الألماني اتخاذها.
فمواجهة الاتحاد في الديربي لا تحتمل أنصاف النجوم، والأهلي يحتاج إلى النسخة العبقرية من محرز وليس الجناح المقيد الذي يختفي لدقائق طويلة. الاختيار الآن واضح: إمّا الاستمرار في جناح باهت قد يكلف الفريق الكثير في الديربي، وإمّا تحرير صانع ألعاب عبقري قد يعيد للأهلي هيبته الكاملة وينقذ موسمه المحلي قبل فوات الأوان.