عادت الحياة إلى أروقة نادي النصر السعودي مع انطلاق صافرة بداية الاستعدادات للموسم الجديد. تحت قيادة فنية جديدة ممثلة بالبرتغالي المخضرم جورجي جيسوس، وبنظراته الثاقبة التي تدرس كل لاعب، يسود شعور بالترقب لمستقبل الفريق.
وبينما تتجه كل الأنظار بشكل طبيعي نحو النجم الأوحد كريستيانو رونالدو وكيفية تأقلمه مع فكر المدرب الجديد، قد يكون هناك فائز آخر، فائز لم يكن مصيره مؤكداً قبل أسابيع قليلة، وهو النجم السنغالي ساديو ماني.
من حافة الرحيل إلى فرصة ذهبية
قبل وصول جيسوس، كانت كل المؤشرات توحي بأن رحلة ماني مع "العالمي" قد وصلت إلى نهايتها. فبعد موسم أول باهت لم يلبِّ الطموحات، وثانٍ استمر فيه التخبط، وُضع اسمه على رأس قائمة المغادرين المحتملين.
لكن وصول المدرب البرتغالي قلب الطاولة تماماً. فقبل يومين فقط، سرت أنباء مؤكدة بأن جيسوس طلب من الإدارة الإبقاء على جميع اللاعبين الأجانب، بمن فيهم ماني، لتقييمهم عن كثب وتحديد مصيرهم بنفسه.
هذا القرار لم يكن مجرد تأجيل لرحيل محتمل، بل كان بمثابة طوق نجاة وفرصة حقيقية لبداية جديدة يستحقها لاعب بحجم ماني.
فلسفة جيسوس.. جنة الأجنحة الهجومية
يكمن السر في أن فلسفة جيسوس التكتيكية قد تكون هي البيئة المثالية التي يحتاجها النجم السنغالي للتوهج من جديد.
فالمدرب البرتغالي يضع الأجنحة الهجومية كحجر زاوية في منظومته، مانحاً إياهم أدواراً رئيسة، وحرية إبداعية تجعل منهم نجوم الفريق.
والأمثلة على ذلك حية وواضحة؛ ففي تجربته الأخيرة مع الهلال، حول البرازيلي مالكوم إلى هداف خطير، وحافظ على توهج سالم الدوسري كأحد أفضل اللاعبين في القارة، وقبلهم أطلق العنان لسرعة ومشاكسة ميشايل ديلغادو، جميعهم، مع تفاوت في التأثير، كانوا أسلحة فتاكة تحت قيادته.
وهنا تبرز قيمة ساديو ماني، فهو يمتلك كل المقومات التي يعشقها جيسوس في لاعب الجناح: السرعة الفائقة لاختراق الدفاعات، المهارة الفردية في المراوغة، والخبرة الهائلة المكتسبة من سنوات المجد في ليفربول.
من المتوقع أن يمنحه جيسوس الثقة والدور المحوري الذي افتقده، ليتحول من لاعب على هامش المنظومة إلى أحد نجومها الكبار.
عوامل مساعدة وتغيير محتمل
علاوة على ذلك، هناك عامل مساعد قد يخدم ماني بشكل غير مباشر، وهو رحيل البرازيلي أندرسون تاليسكا.
لقد فتح هذا الباب أمام ماني للانتقال إلى الرواق الأيمن، وهو المركز الذي تألق فيه بشكل لافت في بداياته مع ساوثهامبتون وفي موسمه الأول مع ليفربول قبل انضمام محمد صلاح. هذا التحول التكتيكي قد يحرره ويستخرج منه أفضل نسخة ممكنة.
إذن، لماذا ليس رونالدو هو المستفيد الأكبر؟ الإجابة بسيطة ومنطقية. كريستيانو رونالدو كان سيظل النجم الأوحد والقائد الهجومي للفريق بغض النظر عن هوية المدرب القادم.
مكانته وقيمته لم تكونا محل نقاش. أما ساديو ماني، فقد انتقل من لاعب على وشك الرحيل إلى مرشح قوي ليكون أحد أعمدة المشروع الجديد.
هذا التحول الجذري في مصيره يجعله، دون شك، المستفيد الأكبر من قدوم "البروفيسور" جيسوس إلى قلعة النصر.