حسم الاتحاد التونسي لكرة القدم أخيرا اختياره المدرب الجديد لمنتخب نسور قرطاج، بعد التوصل إلى اتفاق نهائي مع سامي الطرابلسي لتولي المهمة بعد نحو 3 أشهر من الشغور في منصب مدرب المنتخب الأول.
وكان اتحاد كرة القدم، الذي يرأسه معز الناصري، بعد انتخابه رئيسا جديدا بالأغلبية في 25 يناير الماضي، وجد نفسه أمام خيارات محدودة جدا للفصل في اسم المدرب الجديد لرفاق حنبعل المجبري، بعد أن فرضت السلطات أن يكون المدرب تونسيا، وأن يتقاضى وطاقمه المساعد راتبا سنويا لا يفوق ما كان يحصل عليه المدربون السابقون للنسور.
وواجه اتحاد الكرة، الذي فوّض لنجم المنتخب السابق زياد الجزيري مهمة قيادة المفاوضات مع بعض الأسماء التونسية، صعوبات كبيرة لإيجاد الرجل المناسب لقيادة المجموعة، لا سيما أن هامش الاختيار كان محدودا جدا، فيما تلقى الجزيري "صدمات" عديدة في ظرف زمني قصير نتيجة الصعوبات التي وجدها للعثور على مدرب يستجيب للشروط التي حددها الاتحاد ووزارة الرياضة.
ويعود سامي الطرابلسي (57 عاما) لقيادة نسور قرطاج بعد أن أشرف على المنتخب الأول بين 2011 و2013، كما قاد منتخب بلاده للاعبين المحليين للتتويج ببطولة أفريقيا في 2011 بالسودان.
وسيكون الطرابلسي، الذي ينتظر أن يساعده كل من أيمن البلبولي ومجدي التراوي، أمام تحديات كبيرة وصعبة لإعادة التوهج إلى منتخب تونس، فيما سيكون أبرزها في النقاط الخمس التالية:
1- وضع حد لإخفاق المدرب المحلي
تداول على منتخب تونس في السنوات الخمس الماضية مدربون محليون، إذ كان المكتب السابق لاتحاد الكرة وفيا للمدرب التونسي، فقد أشرف كل من المنذر الكبير (2020-2022) وجلال القادري (2022-2024) ومنتصر الوحيشي (مارس 2024-يونيو 2024) وفوزي البنزرتي (يوليو 2024-سبتمبر 2024) ثم قيس اليعقوبي آخر من تولى تدريب تونس خلال أكتوبر ونوفمبر الماضيين.
وكان القاسم المشترك بين هؤلاء جميعا هو فقدان الثقة بينهم وبين الشارع الكروي في تونس، خصوصا بعد أن أخفق أغلبهم في تحقيق نتائج لافتة.
وسيكون الطرابلسي أمام تحدّ كبير وهو إرجاع الثقة بالمدرب المحلي، والعمل على أن يكون الاستثناء خلال المرحلة المقبلة التي تحمل عدة رهانات بداية من شهر مارس المقبل.
وكان منتخب تونس تأهل بشق الأنفس إلى نهائيات أمم أفريقيا 2025 بعد أن حل ثانيا خلف جزر القمر في تصفيات المجموعة الأولى.
2- أمم أفريقيا 2025: الامتحان العسير
سيكون الطرابلسي، الذي قاد تونس في نهائيات أمم أفريقيا 2013 في جنوب أفريقيا، أمام مهمة عسيرة لإعادة التوهج إلى رفاق إلياس السخيري بعد أن كانوا خيبوا كل الآمال في النسخة الماضية في كوت ديفوار.
وتحت قيادة جلال القادري، خرجت تونس خالية الوفاض من النهائيات منذ الدور الأول بعد التعادل مع مالي وجنوب أفريقيا والخسارة أمام ناميبيا في الدور الأول.
وفي الحقيقة، لم ينجح سامي الطرابلسي في عهدته الأولى مدربا لنسور قرطاج في تحقيق آمال الجماهير في أمم أفريقيا 2013، بل خرج منذ الدور الأول أيضا بالخسارة أمام كوت ديفوار والتعادل مع توغو والفوز على الجزائر.
في النهائيات المقبلة سيعمل الطرابلسي على كسب تحد شخصي وهو قيادة المنتخب لتخطي الدور الأول بعد أن أخفق في ذلك قبل 12 عاما، وتحقيق الهدف ذاته بعد أن كان "النسور" عادوا سريعا إلى بلادهم في النسخة الأخيرة في كوت ديفوار.
3- المونديال: اختبار صعب
تأهل المنتخب التونسي إلى نهائيات كأس العالم 6 مرات سابقة، سنوات 1978 و1998 و2002 و2006 و2018 و2022، ما يعني أنه لم يغب عن آخر نسختين وهو ما يضع الطرابلسي ولاعبيه أمام تحدّ خاص وهو التأهل للنهائيات للمرة الثالثة تواليا وهو أمر لم يسبق أن حققته الكرة التونسية.
وفي انتظار الإعلان الرسمي عن تعيينه في منصب المدرب الجديد، يبدأ الطرابلسي مهامه في 19 مارس المقبل عندما يواجه المنتخب التونسي نظيره الليبيري في مونروفيا لحساب الجولة الخامسة من المجموعة الثامنة لتصفيات أفريقيا لمونديال 2026.
وبعد 3 أيام تستقبل تونس ضيفتها مالاوي في الجولة السادسة على ملعب رادس.
وتشكل المباراتان رهانا كبيرا للطرابلسي ولاعبيه من أجل مواصلة زعامة المجموعة وبلوغ النهائيات للمرة السابعة في تاريخ الكرة التونسية والثالثة تواليا، وهو ما قد يمنح الطرابلسي فرصة المشاركة أيضا للمرة الأولى في كأس العالم (الولايات المتحدة 2026).
4- حل أزمة المحليين والمحترفين
كثيرا ما شكل اللاعبون المحليون (الذين ينتمون لأندية الدوري التونسي) والمحترفون (الذين ينشط أغلبهم في الدوريات الأوروبية) أزمة كبيرة لكل مدرب تولى المقاليد الفنية للمنتخب التونسي.
وبدأ تاريخ الصراعات بين "المحليين" و"المحترفين" منذ أن كان الفرنسي روجيه لومير مدربا لتونس في 2002، وحتى بعد فوزه بكأس أمم أفريقيا 2004، فقد بدا منحازا للمحترفين بحسب شهادات كثير من اللاعبين.
وبعودة المدرب التونسي للإشراف على نسور قرطاج، مع تولي نبيل معلول (2013) مهام المدرب الأول عاد السجال من جديد حول انقسام غرفة تبديل ملابس منتخب تونس بين قسمين: محليون ـ محترفون وهو ما سيضع سامي الطرابلسي أمام تحد حقيقي لإيجاد المعادلة المناسبة بين هؤلاء وأولئك داخل معسكر النسور.
5- نهائي خارج تونس بعد
توج المنتخب التونسي بلقبه القاري الوحيد سنة 2004، وكان زياد الجزيري المدير الرياضي الحالي في مقدمة الهجوم خلال تلك النسخة التي احتضنتها تونس، فيما كان الطرابلسي قد اعتزل لتوّه في ذلك الوقت.
وقبل ذلك بثماني سنوات، كان نسور قرطاج قد بلغوا الدور النهائي للمرة الأولى في تاريخهم في نسخة تقام خارج أرضهم، وتحديدا في جنوب إفريقيا عندما خسروا اللقب أمام المنتخب المضيف (0-2).
سامي الطرابلسي، الذي كات قائدا لنسور قرطاج في تلك النسخة، لم يخض المباراة النهائية بعد تراكم الإنذارات، وهو ما سيضعه أمام تحد خاص في النسخة المقبلة من "الكان 2025" في المغرب ليحقق وهو مدرب ما عجز عنه وهو لاعب قبل 30 عاما.
ودرّب سامي الطرابلسي منتخب تونس للمحليين في أواخر 2010، ثم تسلم مقاليد تدريب المنتخب الأول في مارس 2011 وحتى فبراير 2013 وقاده خلال أمم أفريقيا 2013.