تفاقمت أزمة الرجاء البيضاوي المغربي، أحد أعرق الأندية وأكثرها تتويجًا بالألقاب في البلاد، خلال الموسم الجاري، وبات النادي الذي حصل في يونيو الماضي على الثنائية، لقبي الدوري والكأس في المغرب، في مهب أزمة عاصفة تهدد تاريخه الكبير وتثير مخاوف جماهيره من مصير مجهول.
وبعد أن أحرز العام الماضي لقبي الدوري والكأس في إنجاز اعتبره كثيرون مؤشرًا لاسترجاع أمجاد النادي المحلية والقارية، ظهر الرجاء في موسم 2024 ـ 2025 بمستويات ضعيفة زادها عدم الاستقرار الفني حدّة ليجد الفريق نفسه بعد 19 جولة من الدوري في المركز الثامن برصيد 25 نقطة.
وتراكمت المشاكل داخل الرجاء المغربي بعد نهاية الموسم الماضي، وكانت في البداية مسألة إدارية عندما تم اعتقال رئيسه محمد بودريقة في أحد المطارات الألمانية لوجود شبهات قضائية واتهامات مالية تلاحقه.
وبعد أشهر من تلك الحادثة، يجد نادي الرجاء في الوقت الراهن نفسه يتخبط وسط أزمة لا يعرف الجميع في الفريق نهايتها.
دوري الأبطال.. نهاية الحلم سريعًا
وشارك الرجاء، بوصفه حامل لقب الدوري للموسم الماضي، في دوري أبطال أفريقيا، حيث علقت الجماهير الرجاوية آمالا عريضة على رفاق القائد أنس الزنيتي بالظهور بوجه مشرف والمراهنة على الأدوار الأولى.
ورغم أن مؤشرات عدم استقرار الأوضاع في "البيت الرجاوي"، لم تكن خادعة وبدت حقيقة ثابتة باستقالة سريعة للمدرب جوزيف زينباور بعد أيام من اعتقال محمد بودريقة، إلا أن كثيرًا من المتفائلين آمنوا بأن الفريق سيتخطى بسرعة تلك الأزمة العابرة.
ومع انطلاق سباق الدوري ودوري أبطال أفريقيا، صعد نائب الرئيس، عادل هالا لتولي الرئاسة مكان بودريقة، وبدأ الفريق في رسم ملامح موسم 2024 ـ 2025، التي تشهد عديد الرهانات، أبرزها الحفاظ على لقبي الدوري والكأس والتألق في دوري الأبطال.
لكن الحلم الأفريقي سرعان ما تحول إلى سراب، بعدما خرج بطل أفريقيا 1997 و1999 سريعًا من دور المجموعات، في حين كان وصيفه في الدوري، الجيش الملكي متصدرًا للمجموعة.
وبنهاية حلم دوري أبطال أفريقيا سريعًا، والإخفاق في التأهل لربع النهائي، ازدادت مشاكل الرجاء تفاقمًا وشن المشجعون حملة غضب عارمة على المسؤولين وفي مقدمتهم عادل هلا، قبل أن تستمر النتائج الصادمة بالتعادل مع أولمبيك آسفي في الدوري، والخسارة أمام خريبقة في كأس التميز (3 ـ2).
وقبل 11 جولة على نهاية سباق الدوري المغربي للمحترفين، فقد الرجاء حظوظه منطقيًّا في الدفاع عن لقبه وذلك بابتعاده 21 نقطة كاملة عن المتصدر نهضة بركان، إذ أنه يملك 25 نقطة جمعها من 6 انتصارات و7 تعادلات و6 هزائم.
كما يبتعد الفريق 4 نقاط فقط عن آخر الهابطين، حتى الآن، شبيبة سوالم الذي يملك 21 نقطة ويحتل المركز الـ14.
واعتبرت جماهير الرجاء أن فريقها الذي كان لقمة سائغة أمام جل المنافسين، في حاجة إلى دماء جديدة على المستويين الإداري والفني والرياضي، ليؤدي الأمر إلى استقالة جديدة في النادي برحيل أعضاء المكتب الإداري قبل أن يقدم رئيس النادي عادل هالا استقالته ويدعو إلى انتخابات سابقة لأوانها.
استقالة هالا والمصير غامض
وينتظر أن تشهد الأيام المقبلة مستجدات أخرى داخل الرجاء البيضاوي الذي يشهد أحلك فترة على مستويات عدة، فبعد أشهر قليلة من توليه منصب رئاسة النادي خلفًا لمحمد بودريقة، لم يحظ عادل هالا بثقة مشجعي الفريق وباتت استقالته مطلبًا جماهيريًّا منذ أسابيع خلت، ليقرر التنحي عن مهامه والاستجابة لضغط الشارع الأسبوع الماضي.
وفي انتظار انعقاد جمعية عمومية سابقة لأوانها لانتخاب رئيس ومجلس إدارة جديدين، أثار الوضع الحالي للنادي الكثير من التساؤلات الغامضة بين المتابعين، واعتبر البعض أن الفريق يحتاج إلى مراجعة عميقة قد تستوجب وقتًا طويلًا للعودة إلى مداره.
وبالتوازي مع الأزمة الإدارية والنتائج المخيبة، فشل مسؤولو الرجاء في العثور على المدرب القادر على انتشال الفريق من أزمته، فخلال الموسم الجاري، تداول على الجهاز الفني 4 مدربين حيث كانت البداية بالبوسني روسمير زفيكو الذي ترك منصبه سريعًا للبرتغالي ريكاردو سابينتو.
وبدوره غادر سابينتو دكة البدلاء بسرعة ليعوضه المغربي حفيظ عبد الصادق، الذي قد تأتي النتائج السلبية على مستقبله.
وكان عبد الصادق تلقى تطمينات من عادل هالا بالاستمرار حتى نهاية الموسم، لكن رحيل الأخير قلب الأمور رأسًا على عقب، إذ أكدت مصادر قريبة من النادي أن المسؤولين الحاليين، الباقين من المكتب السابق، بصدد التفاوض مع مدربين جدد في مقدمتهم التونسي الأسعد الشابي والجزائري عبد الحق بن شيخة.
وعلى مرّ تاريخه الطويل، الذي يناهز 75 عامًا، توج الرجاء بلقب الدوري المغربي في 13 مناسبة وكأس العرش في 9 مناسبات، كما أحرز دوري أبطال أفريقيا 1997 و1999 في النسخة الحديثة و1989 في النسخة السابقة.
وفاز الرجاء بلقب كأس الكونفدرالية الأفريقية مرتين وكأس السوبر الأفريقي مرتين بجانب الوصول لنهائي كأس العالم للأندية 2013.