في أمسية كروية درامية، أُسدل الستار على معركة كأس السوبر السعودي بتعادل مثير بنتيجة 2-2 بين فريقي النصر والأهلي، لتمتد المواجهة إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت في النهاية للأهلي بنتيجة 5-3، مانحةً إياه اللقب الأول في الموسم.
وعلى الرغم من أن الكأس ذهبت إلى جدة، إلا أن "العالمي" خرج من الملعب بمرارة الخسارة ولكن برأس مرفوع بالضبط كما طلب رونالدو من زملائه في الملعب بعد صافرة النهاية، حاملاً معه مكاسب عديدة تبشر بموسم قوي ومختلف، وتؤكد أن هذه الخسارة لم تكن سوى عثرة في بداية الطريق وليست نهاية العالم.
الغلبة والخطورة الأكبر
بعيدًا عن النتيجة النهائية، تؤكد الإحصائيات أن النصر كان الطرف الأفضل والأكثر سيطرة بشكل كاسح. فالفريق استحوذ على الكرة بنسبة 62% مقابل 38% فقط للأهلي، وهو ما ترجمه إلى خطورة حقيقية على المرمى.
تفوق النصر في إجمالي المحاولات الهجومية بـ 12 تسديدة مقابل 8، والأهم من ذلك، في التسديدات على المرمى بـ 5 تسديدات مقابل 2 فقط للمنافس. ولعل الرقم الأبرز الذي يجسد هذه الأفضلية هو صناعة 4 فرص محققة للتسجيل، وهو ضعف ما صنعه الأهلي (فرصتان فقط).
كل هذه السيطرة انعكست على مؤشر "الأهداف المتوقعة" (xG) الذي وصل إلى 1.72 للنصر مقابل 1.15 للأهلي، وهو دليل رقمي واضح على أن النصر خلق فرصًا ذات جودة أعلى كانت كفيلة بحسم اللقاء في وقته الأصلي.
الأخطاء فردية.. والشكل الجماعي مبشر:
صحيح أن شباك النصر استقبلت هدفين، لكن بالنظر إلى طبيعة الهدفين نجد أنهما جاءا نتيجة أخطاء فردية بحتة يمكن تداركها والعمل على تفاديها مستقبلًا، وليست نتاج خلل تكتيكي أو انهيار جماعي في المنظومة الدفاعية.
على العكس، ظهر الفريق بشكل جماعي متماسك ومنظم في أغلب فترات المباراة، مع التزام اللاعبين بأدوارهم ونجاحهم في التحولات من الدفاع للهجوم بشكل سلس.
هذا التجانس والظهور ككتلة واحدة في الملعب هو الأساس الذي يمكن البناء عليه، فالأخطاء الفردية يمكن علاجها بالتركيز والتدريب، أما بناء منظومة جماعية قوية فهو التحدي الأصعب، وقد أظهر النصر أنه قطع شوطًا كبيرًا فيه.
ركلات الجزاء ليست معيارًا للفشل:
لا يمكن أبدًا أن تكون ركلات "الحظ" الترجيحية مقياسًا حقيقيًا للحكم على مستوى فريق أو تقييم أدائه بالفشل. التاريخ الكروي مليء بالأمثلة؛ فالمنتخب الفرنسي قدم بطولة كأس عالم استثنائية في 2022، وخسر النهائي بركلات الترجيح أمام الأرجنتين، ولم يجرؤ أحد على وصفه بالفاشل.
وكذلك منتخب الأرجنتين نفسه في 2014، الذي خسر النهائي أمام ألمانيا في الأوقات الإضافية، وبعده خسر العديد من النهائيات بركلات الترجيح، لم يكن يجب أن يُحكم عليه بالفشل.
الخسارة بهذه الطريقة مؤلمة، لكنها لا تلغي المجهود الكبير والأداء القوي الذي قدمه الفريق على مدار 90 دقيقة، وهي تؤكد أن النصر كان الأقوى حتى اللحظة الأخيرة.
أثبتت مواجهات النصر التحضيرية والرسمية حتى الآن أنه يمتلك قوة هجومية ضاربة قادرة على الوصول إلى أي مرمى.
فبعد تسجيل هدفين في شباك الاتحاد القوي وهو منقوص لاعباً بعد طرد ساديو ماني في الشوط الأول، عاد الفريق ليكرر الأمر ويسجل هدفين آخرين في شباك الأهلي، أحد أقوى الفرق دفاعيًا.
تسجيل 4 أهداف في فريقين مرشحين للمنافسة على كل الألقاب هو رسالة واضحة للجميع بأن هجوم النصر لا يرحم.
هذا النجاح في هز شباك الكبار يمنح الفريق ثقة هائلة، ويثير التساؤل: إذا كان هذا هو الحال مع أقوى الدفاعات، فماذا سيفعل هذا الهجوم بالفرق الأضعف دفاعيًا خلال الموسم؟ هذه القوة الهجومية ستكون السلاح الأهم للنصر في حسم العديد من المباريات المعقدة وتحقيق الانتصارات.