في خطوة مفاجئة عكست تناغماً إدارياً فنياً لافتاً، كشفت صحيفة "الرياضية" أن الألماني ماتياس يايسله، المدير الفني للنادي الأهلي السعودي، اتخذ قراراً حاسماً برفض فكرة مشاركة الفريق في بطولة كأس السوبر السعودي التي ستقام في هونغ كونغ.
وأكدت الصحيفة أن إدارة النادي وافقت على رؤية المدرب وأيدت قراره بشكل كامل، مفضلةً بذلك الانصياع للمتطلبات الفنية وخطة الإعداد طويلة الأمد على المشاركة في البطولة بدلًا من الهلال بعد اعتذاره، رغم أنها كانت ستأتي كبديل لنادي الهلال "المعتذر".
هذا القرار لم يكن وليد الصدفة، بل جاء مدعوماً بأسباب فنية ومنطقية قوية، تهدف في مجملها إلى حماية مسيرة الفريق وضمان انطلاقة مثالية للموسم الجديد.
1. عدم اكتمال ملف التدعيمات
أحد أبرز الهواجس التي تؤرق يايسله هو أن سوق انتقالات الأهلي لم يصل إلى خواتيمه بعد، المدرب الألماني لديه تصور واضح للمراكز التي تحتاج إلى دعم ولاعبين محددين يرغب في ضمهم لرفع جودة الفريق وقدرته التنافسية، خاصة قبل المشاركة في استحقاقات قارية ومحلية كبرى.
الدخول في بطولة رسمية بقائمة غير مكتملة كان سيمثل مخاطرة كبيرة، قد تكشف عن نواقص الفريق مبكراً وتضع ضغطاً هائلاً على الإدارة واللاعبين قبل أن تبدأ المعركة الحقيقية في الدوري ودوري أبطال آسيا للنخبة.
2. خلل في برنامج الإعداد البدني والفني
يعمل كل مدير فني وفق برنامج إعدادي دقيق ومجدول زمنياً لأسابيع، يهدف للوصول باللاعبين إلى ذروة لياقتهم البدنية والفنية مع انطلاق أول مباراة في الدوري.
خطة يايسله تتضمن معسكراً إعدادياً وتدريبات متدرجة لضمان جاهزية الفريق للموسم الطويل.
المشاركة في السوبر كانت ستعني قطع هذا البرنامج بشكل مفاجئ، والسفر لآسيا لخوض مباريات تنافسية عالية الشدة في وقت لا يزال فيه الفريق في مرحلة البناء البدني.
هذا الأمر لا يهدد فقط بالتسبب في إرهاق مبكر، بل يزيد من خطر تعرض اللاعبين لإصابات عضلية قد تعصف باستقرار الفريق لأسابيع.
3. الخوف من فقدان مكتسبات الموسم الماضي
نجح الأهلي في موسمه الأول بعد العودة لدوري روشن في تحقيق المركز الثالث، وهو إنجاز مهم بنى عليه الفريق ثقة كبيرة وجسراً من التواصل الإيجابي مع جماهيره، ثم في الموسم التالي حقق دوري أبطال آسيا للنخبة.
يخشى يايسله أن مشاركة غير مدروسة في السوبر، قد تسفر عن خسارة بسبب عدم الجاهزية، مما قد يهدم هذه الثقة ويخلق حالة من الشك حول قدرة الفريق على المنافسة في الموسم الجديد.
يفضل المدرب الألماني الحفاظ على الروح المعنوية المرتفعة وبدء الموسم بانطلاقة قوية في الدوري، بدلاً من الدخول في مغامرة قد تضيع المكتسبات التي تحققت بصعوبة.
4. حق أصيل في رفض الإرهاق اللوجستي
من الناحية المنطقية والاحترافية، يُعد قرار رفض السفر الشاق إلى هونغ كونغ قبل أيام قليلة من انطلاق الدوري سليماً.
الرحلة الطويلة، فارق التوقيت، خوض مباراتين قويتين، ثم رحلة العودة المنهكة، كلها عوامل تشكل كابوساً لأي مدرب يسعى للاستقرار الفني والتركيز التام على المباراة الافتتاحية للموسم.
يرى يايسله أن من حقه كمدير فني حماية لاعبيه من هذا الاستنزاف البدني والذهني غير المبرر، وتوجيه كل طاقات الفريق نحو بداية مثالية في المسابقات الأساسية.
5. تجنب جدل "البطل البديل" وحفظ هيبة الإنجاز
يُضاف إلى الأسباب السابقة سبب آخر ذو بُعد نفسي وإعلامي، يتعلق بصورة الفريق وهيبة أي إنجاز قد يتحقق.
يعي صناع القرار في الأهلي أن مشاركة الفريق جاءت كـ"بديل" بعد اعتذار الهلال، وفي حال الفوز باللقب، سيفتح الباب على مصراعيه لجدل يقلل من قيمة الانتصار، حيث قد تنسب الرواية السائدة الفضل إلى غياب الهلال وليس لجدارة الأهلي.
وقد يواجه النادي اتهامات بأنه "لم يكن يستحق المشاركة"، مما يضع الفريق في موقف دفاعي ويُفرغ الإنجاز من قيمته.
لذا، يُعد الانسحاب من هذا الموقف الشائك قراراً استراتيجياً يحفظ هيبة النادي ويجنبه معارك إعلامية هو في غنى عنها.