في عالم كرة القدم الحديث، لا يتم التفاوض على العقود الكبرى في الغرف المغلقة فحسب، بل يتم أيضا عبر وسائل الإعلام.
وهذا بالضبط ما يفعله النجم الفرنسي كريم بنزيما، الذي أتقن لعبة لي الذراع السياسية، موجهاً 4 رسائل نارية لإدارة نادي الاتحاد، مستخدماً صحيفة آس الإسبانية كمنصة لإطلاق قنبلة موقوتة.
القصة واضحة: عقد بنزيما، الذي يمثل الجوهرة الأغلى في مشروع العميد، ينتهي في يونيو 2026. ومع اقتراب شهر يناير، حيث يحق له التوقيع مجانا لأي نادٍ، قرر بنزيما أن الوقت قد حان لتذكير الإدارة بقيمته، وإجبارها على تقديم راتب فلكي لتأمين مستقبله.
تصريحاته لـ "آس" لم تكن عفوية، بل كانت 4 رسائل دقيقة ومحسوبة:
الرسالة الأولى هي ورقة الضغط الأقوى. عندما يقول بنزيما لدي عروض من أوروبا وسأفكر، فهو لا يغازل أوروبا، بل يهدد الاتحاد.
إنه يذكرهم بأنه ليس مجرد لاعب يبحث عن راتب تقاعدي في السعودية، بل إنه كريم بنزيما، حامل الكرة الذهبية، الذي لا يزال مطلوبا في القارة العجوز.
هذه الرسالة ترفع سقف المزاد، وتجبر الاتحاد على أن يدرك أنه إذا لم يدفع، فإن البديل (أوروبا) جاهز.
الرسالة الثانية هي القنبلة الموقوتة. بنزيما يذكّر الإدارة، ببرود شديد، أن عقده ينتهي في يونيو.
هذا يعني أن أمام الاتحاد 7 أشهر فقط (أو بالأحرى، شهر واحد قبل يناير) ليقرر.
الرسالة هي: إما أن تجددوا لي الآن بالشروط التي أريدها، أو ستخسرون أهم أصولكم، وأحد أكبر أسماء المشروع السعودي، مقابل (صفر).
إنه يضع الإدارة بين خيارين، كلاهما مكلف: إما راتب فلكي الآن، أو خسارة فادحة لاحقا.
لماذا اختار بنزيما صحيفة آس الإسبانية تحديدا؟ هذه هي الرسالة السياسية الثالثة.
هو لم يتحدث لوسيلة إعلام سعودية، بل تحدث لأوروبا مباشرة.
هو بذلك يؤكد لإدارة الاتحاد أن العروض الأوروبية التي يتحدث عنها حقيقية، وأن الإعلام الإسباني يأخذها على محمل الجد.
إنه يخلق مزادا عالميا، ويجبر الاتحاد على الدخول فيه كطرف رئيس، بدلا من أن يكون المفاوض الوحيد.
الرسالة الرابعة هي الرد الاستباقي. يعلم بنزيما أن الإدارة قد تتردد بسبب عمره (37 عاما)، لذلك، أضاف أنه يستطيع اللعب لموسمين آخرين (حتى سن 40).
هذه الرسالة تقول: أنا لست صفقة خاسرة. أنا استثمار مضمون. هو يخبرهم أنهم إذا جددوا له، فإنهم يشترون سنتين من الأهداف والقيادة وليس مجرد تكريم لنهاية مسيرته.
الخلاصة أن بنزيما قد رمى الكرة في ملعب الاتحاد. لقد استخدم قوة الإعلام الإسباني، وضعف موعد نهاية العقد، ليجبر الإدارة على اتخاذ قرار حاسم: إما كسر الخزينة لتجديد عقد الملك بشروطه، أو مشاهدته يرحل مجانا في يونيو.
