في المنافسة الأسطورية بين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، لا يتوقف الجدل عند حدود الملعب، بل يمتد إلى حرب كلامية باردة، ساحتها هي المؤتمرات الصحفية، ومنصات التواصل الاجتماعي.
وبينما يميل ميسي، غالبًا، إلى الدبلوماسية والخجل، يبدو أن رونالدو يتبع إستراتيجية هجومية واضحة، مستخدمًا تصريحات نارية تبدو وكأنها تقليل متعمد من كل إنجاز يحققه غريمه الأرجنتيني.
هذه الإشارات ليست وليدة الصدفة، بل هي نمط متكرر يكشف عن حرب نفسية يشنها الدون لفرض سرديته الخاصة كـالأفضل في التاريخ.
الإشارة الأولى: التقليل من كأس العالم
الإنجاز الأكبر الذي حسم الجدل بالنسبة للكثيرين لصالح ميسي، وهو الفوز بكأس العالم 2022، لم يسلم من قصف رونالدو. ففي تصريح صادم مؤخرًا، قلّل رونالدو من قيمة هذا الإنجاز، معتبرًا أن فوز الأرجنتين أمر عادي لأنهم معتادون على الفوز حتى قبل ميسي.
هذا التصريح يتناقض بشكل صارخ مع تصريحاته القديمة عن ضرورة تحقيق اللاعب لإنجاز مع منتخب بلاده كمعيار للأفضلية. فجأة، تحول الإنجاز الذي وصل إليه ميسي إلى مجرد حدث عادي.
الإشارة الثانية: اغتيال مصداقية الجوائز الفردية
المعركة الثانية التي يشنها رونالدو هي ضد الجوائز التي يتفوق فيها ميسي. فعندما وسع ميسي الفارق في عدد الكرات الذهبية، خرج رونالدو ليؤكد أن هذه الجوائز تفقد مصداقيتها لأنها تعتمد على التصويت، وأن الأهم هو الأرقام وجوائز الهداف.
هذا يتناقض أيضًا مع تصريحات سابقة له كشف فيها عن حلمه بتجاوز ميسي في عدد الكرات الذهبية. ولم يتوقف الأمر عند التصريحات، بل وصل إلى حد التفاعل بـإيموجي ضاحك على فيديوهات تشكك في أحقية ميسي بجائزة ذا بيست 2023.
الإشارة الثالثة: حرب الدوريات والتقليل من المنافسين
يستخدم رونالدو أيضًا سلاح التقليل من الدوريات التي يلعب فيها ميسي. ففي أكثر من مناسبة، قلل من قيمة الدوري الفرنسي (عندما كان ميسي هناك)، وقلل من الدوري الأمريكي.
هذه الإستراتيجية تهدف إلى إثبات أن أرقام ميسي تتحقق في دوريات سهلة، بينما هو يختار التحدي الأصعب، حتى لو كان ذلك يعني الادعاء بأن التسجيل في الدوري السعودي أصعب من الإسباني.

في النهاية، يبدو أن كريستيانو رونالدو لا يخوض معركة في الملعب فقط، بل يخوض حربًا لتشكيل الوعي التاريخي. هو يدرك أن ميسي يتفوق عليه في نقاط حاسمة مثل كأس العالم والكرات الذهبية، ولذلك هو مضطر لتغيير معايير الصراع باستمرار.
فتارة يكون المعيار هو الألقاب الدولية ، وتارة يكون الفوز بالأبطال مع فرق مختلفة، كل هذه التصريحات النارية ليست مجرد آراء، بل هي إستراتيجية واضحة من لاعب يرفض الاعتراف بأنه قد يكون الثاني في التاريخ.