لم تكن قرعة كأس العالم 2026 رحيمة بالمنتخب الإسباني، ولا بنجمه الشاب لامين يامال، عندما وضعتهم وجهاً لوجه في المجموعة الثامنة النارية أمام المنتخب السعودي.
وبينما تتغنى الصحافة العالمية بموهبة يامال، يسترجع الشارع الرياضي السعودي والعالمي سيناريو مونديال 2022، حين دخل ليونيل ميسي الأسطورة التاريخية مرشحاً لا يُمس، وخرج من مواجهة الصقور يجر أذيال الخيبة في واحدة من أكبر مفاجآت التاريخ.
لامين يامال، الفتى الذهبي للكرة الإسبانية، سيجد نفسه في المونديال القادم أمام اختبار ليس فنياً فحسب، بل هو اختبار نضج حقيقي، حيث تحاصره كوابيس قد تجعل مصيره مشابهاً لمصير ميسي في لوسيل، وتلك العقبات تتشكل بوضوح قبل صافرة البداية.
الطوفان الأخضر.. جمهور يسافر خلف الحلم
الكابوس الأول الذي سيواجهه يامال ليس داخل المستطيل الأخضر، بل في المدرجات، الجمهور السعودي أثبت للعالم أنه لا يكتفي بالمشاهدة عبر الشاشات؛ إنه جمهور زحّاف يمتلك القدرة المالية والشغف الجنوني للسفر آلاف الأميال خلف منتخبه.
في أمريكا والمكسيك، لن يشعر يامال أنه يلعب في أرض محايدة، بل سيجد نفسه محاصراً بآلاف المشجعين السعوديين الذين يحولون الملاعب إلى ساحات صخب مرعبة.
هذا الضغط الجماهيري الهائل، وصافرات الاستهجان التي لا تتوقف عند كل لمسة، كفيلة بإخراج أي لاعب شاب، مهما كانت موهبته، عن تركيزه الذهني، تماماً كما حدث لنجوم كبار قبله وجدوا أنفسهم غرباء في الملعب رغم شهرتهم الطاغية.
مصيدة الثعلب رينارد.. التاريخ يعيد نفسه
الفرنسي هيرفي رينارد ليس مجرد مدرب، بل هو خبير في تحجيم الكبار. يامال سيواجه نفس العقل المدبر الذي وضع ميسي في جيب الدفاع السعودي تكتيكياً في النسخة الماضية.
رينارد يتقن نصب المصيدة، سواء كانت مصيدة التسلل التي كسرت هجوم الأرجنتين، أو أسلوب العزل الذي يمنع وصول الكرة للنجم الأول.
المدرب الفرنسي سيدرس تحركات يامال بالمليمتر، وسيضع خطة محكمة لخنق مساحات اللعب أمامه، مما سيجعل النجم الإسباني يركض في فراغ، باحثاً عن حلول فردية قد لا يجدها أمام تنظيم تكتيكي حديدي وانضباط عالٍ من اللاعبين السعوديين.
الجحيم البدني.. دفاع لا يعرف المزاح
الدوري الإسباني يحمي المهارة، لكن مواجهة المنتخب السعودي في المونديال تختلف كلياً. الدفاع السعودي يمتاز بشراسة بدنية والتحامات قوية ومشروعة قد لا يعتاد عليها يامال في مباريات الليغا، التي تعتمد أكثر على التكتيك الفني.
المدافعون السعوديون، المعروفون بـ"الغرينتا" والروح القتالية العالية، لن يسمحوا ليامال بالمرور والرقص بالكرة بسهولة. سيواجه نجم برشلونة احتكاكاً بدنياً في كل كرة مشتركة، ومدافعين لا يخشون اللعب الرجولي لفرض الهيبة وإرهاب الخصم نفسياً، وهو سلاح فعال لكسر ثقة اللاعبين الشباب الذين يعتمدون بشكل أساسي على خفة الحركة والسرعة.
لعنة المرشح الأوفر حظاً
الكابوس الأخير هو الضغط النفسي الهائل الذي يسبق المباراة. إسبانيا ستدخل المواجهة وهي المرشح الأول للفوز، والكل ينتظر من يامال أن يصنع السحر ويحسم اللقاء مبكراً. هذا النوع من الضغط هو السم الذي قتل الأرجنتين في بداية 2022.
المنتخب السعودي يلعب بأريحية الند القوي الذي ليس لديه ما يخسره، بينما يامال ورفاقه مطالبون بإثبات أنهم أسياد المجموعة. أي تأخر في التسجيل، أو تعثر في البداية، سيتحول إلى كرة ثلج من التوتر تبتلع أقدام اللاعبين الإسبان، وتجعل من المباراة معركة نفسية يخسرها عادة الطرف الأكثر توتراً وقلقاً.
ختاما، موهبة لامين يامال لا غبار عليها، ولكن في كأس العالم، وتحديداً أمام المنتخب السعودي، الموهبة وحدها لا تكفي. فهل ينجو النجم الشاب من المصيدة، أم يكرر التاريخ درسه القاسي ويعيد مشهد ميسي المكسور أمام عزيمة الصقور؟
