رغم التحسن التدريجي في متانة الهواتف الذكية على مر العقود، فإن اتجاهات التصميم الحديثة جعلتها أكثر عرضة للتلف، فقد أسهمت عناصر مثل الشاشات الممتدة من الحافة إلى الحافة، والأغطية الخلفية الزجاجية، في تقليص قدرة الهواتف على الصمود أمام الصدمات اليومية.
وتُعد الهواتف القابلة للطي مثالًا بارزًا على هذا التراجع، نظرًا لشاشاتها الداخلية الحساسة، والمفصلات المعرضة للتآكل وتسرب الغبار.
تُظهر توجهات السوق أن الجماليات والميزات الأساسية تحظى بأولوية على حساب الجوانب العملية، وفي مقدمتها المتانة. وفي ظل هذا الواقع، قد ينفق المستخدمون مبالغ طائلة على هواتف ذكية قد تفشل في اجتياز أبسط اختبارات التحمل.
ومع أن الشاشات الممتدة من الحافة إلى الحافة تُضفي مظهرًا أنيقًا، إلا أنها تجعل حتى المواد الصلبة مثل التيتانيوم غير فعالة في حماية الشاشة. أما الأغطية الخلفية، فقد أصبحت أكثر هشاشة من أي وقت مضى، ما يجعل استخدام الغطاء الواقي أمرًا ضروريًا تقريبًا لكل هاتف.
في بدايات الهواتف الذكية خلال العقد الأول من الألفية، كان المستخدمون يتعاملون معها بحذر، كما لو كانت أجهزة كمبيوتر محمولة، فلم تكن مقاومة للماء أو الغبار، وكان إسقاط جهاز مثل نوكيا N95 من ارتفاع بسيط كافيًا لإلحاق ضرر كبير به. ولم يحصل جهاز آيفون على تصنيف حماية رسمي إلا في عام 2016 مع إطلاق آيفون 7، رغم أن الجيل الأول الصادر عام 2007 تضمن زجاج كورنينج غوريلا، المعروف بصلابته النسبيّة.
لاحقًا، أسهم تطور المواد في تحسين المتانة؛ فاستُبدلت الأغطية البلاستيكية الرقيقة بهياكل من الألمنيوم أو التيتانيوم، أو على الأقل ببلاستيك أكثر متانة. كما تطور زجاج كورنينج غوريلا ليصبح أكثر قدرة على مقاومة الصدمات في الهواتف عالية الأداء. إلى جانب ذلك، أصبح تصنيف IP68 المقاوم للماء والغبار معيارًا شائعًا في كثير من الهواتف الحديثة.
رغم هذا التقدم، أعادت الهواتف القابلة للطي المتانة خطوات إلى الوراء، لا سيما في تصاميمها الحالية. إذ لا تتمكن هذه الأجهزة من مقاومة الجسيمات الدقيقة التي يقل حجمها عن 1 مم، ما يجعلها عرضة للتلف عند السقوط على الرمال مثلًا.
كما أن بعض الطرز لا تمتلك تصنيف مقاومة للغبار، بينما تظل الشاشات الداخلية حساسة للخدوش، والمفصلات معرضة للكسر أو التآكل. وبالنظر إلى أن أسعار هذه الهواتف قد تتجاوز 2000 دولار، فإن الحاجة باتت ملحّة لمزيد من التركيز على الجوانب العملية، والمتانة على وجه الخصوص.
لا تشير المؤشرات الحالية إلى تغييرات قريبة في توجهات الصناعة فيما يخص المتانة. إذ يبدو أن من الأسهل تسويق الهواتف وبيعها بناءً على تصميمها ومواصفاتها بدلاً من خصائصها العملية.
ويرجّح الخبراء أن الهواتف ذات المتانة العالية لن تنتشر على نطاق واسع قبل مرور عدة سنوات، حين تصبح المواد الفائقة المتانة أكثر توفرًا وأقل تكلفة، بما يسمح باستخدامها في مختلف الفئات السعرية دون رفع التكلفة بشكل ملحوظ.