مع دخول عام 2026، يصل قطاع الذكاء الاصطناعي إلى مفترق طرق مهم، بعد سنوات من النمو السريع والاستثمارات الضخمة.
وبين التفاؤل بفرص الابتكار والتحول الرقمي، تزداد المخاوف من تأثير هذه التكنولوجيا على سوق العمل واستدامة الشركات، فضلًا عن التحديات الأخلاقية المرتبطة بتطور الذكاء الاصطناعي العام والمحتوى الرقمي المولّد آليًّا.
مع نهاية السنوات الثلاث الماضية من النمو السريع والانفجار الاستثماري في مجال الذكاء الاصطناعي، يدخل هذا القطاع عام 2026 وسط تساؤلات متزايدة حول استدامة الزخم، ومخاطر الفقاعات المالية، وتأثيره المتوقع على سوق العمل والاقتصاد العالمي.
وفق بيانات تحليلية، من المتوقع أن يتجاوز إجمالي الإنفاق العالمي على تقنيات الذكاء الاصطناعي تريليوني دولار في عام 2026، مع استمرار ضخ رؤوس الأموال في شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وأبل وأمازون وOpenAI وغيرها من الشركات.
ورغم التوقعات الإيجابية، أبدى المستثمرون قلقهم من ارتفاع التقييمات بشكل مفرط، الأمر الذي دفع بعضهم إلى بيع حصصهم في أسهم شركات مثل Nvidia خلال نوفمبر الماضي، ما يسلّط الضوء على هشاشة سوق التكنولوجيا وسط هذا النمو المتسارع.
يُعد تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل أحد أبرز مواضيع النقاش. ويعتقد بعض الخبراء أن التطور السريع في التكنولوجيا قد يؤدي إلى خفض عدد الوظائف التقليدية مع دخول أنظمة الأتمتة مكان المهام الروتينية، وهو ما يثير مخاوف بشأن مستقبل الوظائف.
ومن جهة أخرى، تشير بعض التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يخلق فرص عمل جديدة بحلول عام 2027، خصوصًا في مجالات الهندسة وتطوير الأنظمة الذكية، ما يجعل التأثير النهائي على العمالة عملية معقدة ومتعددة الأبعاد.
وأثار تطور الذكاء الاصطناعي الحديث أيضًا نقاشات حول احتمال وصوله إلى ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، القادر على التفكير والتحليل بقدرات تتجاوز الإنسان.
ويدّعي مؤسسو بعض الشركات أن هذا المستوى من الذكاء قد يظهر بحلول عام 2026، وقد يؤدي إلى تغييرات جذرية في البحث العلمي والاكتشافات التقنية، بينما يعارض آخرون هذا الطرح ويصفونه بالمبالغة وغير الواقعي في المدى القريب.
يكاد الذكاء الاصطناعي التوليدي يشكّل ثاني أهم تأثير له بعد التكنولوجيا نفسها، إذ يُحدث تغييرًا عميقًا في صناعة الإعلام، حيث أصبحت روبوتات الدردشة وأنظمة التلخيص تتحكم في توليد المحتوى، ما يهدد مصادر الزيارات والإيرادات للمواقع التقليدية.
وفي هذا السياق، ستواجه وسائل الإعلام خيارات حاسمة تحدد مستقبلها، من بينها تحويل المحتوى إلى قيمة عالية، أو المطالبة بتعويضات قانونية، أو الدخول في شراكات مع شركات التكنولوجيا.
بينما يستعد العالم لمرحلة جديدة في عام 2026، يشهد قطاع الذكاء الاصطناعي تقاطعًا بين التفاؤل الحذر والمخاوف الواقعية بشأن تأثيراته الاقتصادية والاجتماعية، مع تساؤلات كبيرة حول ما إذا كان هذا النمو سيستمر بشكل مستدام أو سيشهد انتكاسة في السنوات القادمة.