هناك ما لا يقل عن ثلاثة جوانب رئيسية متصلة للوعي يجب أخذها بعين الاعتبار عندما نسأل عما إذا كان يمكن للروبوت أن يكون واعياً؟ أولاً: هل يمكن أن يشعر بالحياء والخجل؟
ثانياً: هل يمكن أن يكون له عواطف ومشاعر؟ وثالثاً: هل يمكن أن يفكر بوعي - أي أن يكون لديه بصيرة وفهم في حججه وأفكاره؟ وبالتالي، فإن السؤال ليس كثيراً ما إذا كان الروبوت يمكنه محاكاة السلوك البشري، وهو ما نعلم أنه بإمكانه القيام به بدرجات متزايدة، ولكن ما إذا كان بإمكانه بالفعل تجربة الأشياء كما يفعل البشر! هذا بالطبع يقودنا إلى سؤال: كيف لنا فعلياً أن نعرف إذا ما أصبح قادراً على إخفاء أسراره كالبشر؟
ننسب السلوك الواعي إلى البشر الذين يشبهوننا، وذلك ليس لأنهم يتصرفون ويتحدثون مثلنا فحسب، بل لأنهم مصنوعون من نفس النوع من المادة، ولدينا فكرة عما نعنيه بالوعي من خلال اعتبارنا للوعي، ونعتقد أيضاً أن لدينا فكرة تقريبية عن شعور بعض الحيوانات بالوعي، لكن نسب الوعي إلى إنسان آلي يمكنه التصرف كإنسان سيكون أمراً صعباً، بمعنى أنه لن يكون لدينا فكرة واضحة عما ننسبه إليه بالضبط، وبالمقابل هناك تطور يسير بسرعة الضوء في حيز علوم الإنسان الآلي بفضل التقدم في تقنيات الروبوتات الحيوية، هو مصطلح واسع يغطي مجالات السيبرانية والبيونية وحتى الهندسة الوراثية.
وإذا كنا نتساءل عن تطوير الباحثين في الوقت الحاضر لأول روبوت حيوي؟ فالجواب هو: نعم! ومثل تلك المشاريع قطعت خطوات عملاقة في آخر خمس سنوات، وتلك الروبوتات المصنوعة بالكامل من الخلايا الحية المأخوذة من الخلايا الجذعية لأجنة الضفادع على سبيل المثال هي كائنات حية قابلة للبرمجة. ومن الطرق الأخرى لصنع روبوتات واعية يمكن أن تتمثل في إدخال أجزاء ومواد صناعية في الجهاز العصبي للإنسان لتحل محل الأجزاء الطبيعية، بحيث يصبح كل شيء في النهاية مصطنعا ً.
ومن جهة، كيف للإنسان أن يعرف الوعي وهو يجهل ماهية الوعي؟ ولكن إذا كنا نعني الإدراك الذاتي بمحيطنا، فليس دراماتيكياً أن نقول إنه بمساعدة الذكاء الاصطناعي فائق القدرة سيكون الحصول على درجات معينة من الوعي أمراً ممكناً تماماً، وخاصةً عندما نصل لنقطة أن يكون الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً من البشر. ولا أعتقد أن ثورة الذكاء الاصطناعي قد وصلت إلى 10% من النهاية التي لا يستطيع أحد اليوم أن يتكهن بها بدقة. ونحن نشهد ما يبدو وكأنه حدث فاصل في تاريخ البشرية - ابتكار يمكن مقارنته بالمطبعة أو مصباح أديسون.
هل يمكن تنظيم الذكاء الاصطناعي دون خنق الابتكار؟ وهل سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى انقراض البشر؟ ليس من المستبعد أن نتخيل يوماً يمكن فيه أداء معظم المهام البشرية، إنْ لم يكن كلها، بشكل أكثر كفاءة ً من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي العام(AGI)، وهي مجموعة فرعية من الذكاء الاصطناعي تركز بشكل خاص على محاكاة الفروق الدقيقة في الذكاء البشري.
وحتماً المخاوف مبررة في أن يصبح غالبية البشر عاطلين عن العمل لأن الذكاء الاصطناعي سيتمكن من أداء المهام بشكل أكثر كفاءةً من البشر، مما سيتسبب في ارتفاع معدلات البطالة في جميع أنحاء العالم، وحتى لا تتوقف هذه الثورة العلمية الخارقة لابد من إعادة النظر في حجم وتكاثر النوع البشري على الكرة الأرضية، مما يتطلب فكر أقرب للجنون من المنطق للاستعداد لما هو قادم للمجتمعات البشرية، وكيف ستستعد المجتمعات البشرية للقفزات غير المسبوقة في التقنيات والعلوم المتقدمة، وأهمية أن لا نسقط ضحايا لتعاريف والمسلمات المتعارف عليها علمياً، وأن نتحدى نسق البرمجة الشاملة لشعوب العالم لتصديق ما يتم تلقينها به من معلومات والتخطيط للمستقبل. ولكن ماذا لو كان المستقبل الآن؟!
الاتحاد
المقالات المختارة المنشورة في "إرم نيوز" تعبر عن آراء كتّابها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الموقع.