ثمانية قادة أوروبيين: الدفاع عن خاصرة أوروبا الشرقية مع روسيا أولوية قصوى

logo
العالم

مع إبقاء أنقرة خارج الاتحاد الأوروبي.. ألمانيا وتركيا توسعان تعاونهما الدفاعي

من لقاء أردوغان بالمستشار الألماني فريدريش ميرسالمصدر: أ ف ب

وسعت برلين وأنقرة تعاونهما ليشمل المجال الدفاعي بصورة جديدة وغير مسبوقة، رغم تمسك ألمانيا بموقفها الرافض لطلب تركيا الانضمام للاتحاد الأوروبي التي توصف بالمرشح الأبدي مع مرور 26 عاماً على ترشحها الرسمي دون جدوى.

ولم ينتج عن لقاء المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في أنقرة، مساء الخميس، مفاجآت، مع تمسك البلدين بسياسات متباينة في عدة ملفات خلافية، مع بقاء تعاونهما في ملفات أخرى طرأ عليها الدفاع هذه المرة.

ولم يكن المؤتمر الصحفي في نهاية اللقاء ودياً بالكامل كما هو شأن المؤتمرات السابقة التي جمعت إردوغان مع المستشار الألماني السابق أولاف شولتس العام الماضي ومن قبله أنجيلا ميركل، حيث تظهر الخلافات للعلن في ردود القادة والمسؤولين الألمان والأتراك على أسئلة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وإسرائيل.

أخبار ذات علاقة

أردوغان والمستشار الألماني ميرتس

أردوغان للمستشار الألماني: ألا ترى أن إسرائيل تمارس إبادة جماعية في غزة؟

تعاون جديد

وبرز ملف التعاون الدفاعي الجديد بين ألمانيا وتركيا خلال الأشهر الماضية عندما سحبت برلين اعتراضها على بيع مقاتلات "يوروفايتر تايفون" الأوروبية المتطورة، إلى أنقرة بعد رفض مستمر منذ العام 2023.

وجاء لقاء ميرتس مع إردوغان بعد أيام من توقيع أنقرة صفقة شراء أكثر من 40 مقاتلة أوروبية ستعزز بها القوات الجوية التركية قدراتها بتشجيع ألماني يرتبط برغبة ألمانيا في الاعتماد على دور تركي في الحرب الروسية الأوكرانية التي تجري عند حدود القارة الأوروبية الشرقية.

وعكست تصريحات ميرتس وإردوغان في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماعهما، رغبة في توسيع ذلك التعاون في مشاريع مشتركة في مجال الدفاع والسلاح، وعدم قصرها على صفقة المقاتلات التي تشارك ألمانيا في صناعتها مع بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا.

شريك استراتيجي

يرتبط التعاون الدفاعي الناشئ بين البلدين، بصورة أساسية بدور تركي ترغب ألمانيا في الاعتماد عليه بعدما بدا أن واشنطن في عهد رئيسها الحالي دونالد ترامب ليست شريكاً متحمساً لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا وحماية أوروبا كما كان سلفه جو بايدن.

وقال الصحفي التركي سيركان ديميرتاش في تعليقه على هذا التحول والتوسع في علاقة البلدين بمجال الدفاع، إن التاريخ الحديث يكشف أن عصر حظر حكومات برلين مبيعات الأسلحة إلى تركيا منذ أوائل التسعينيات، متذرعةً بمخاوف حقوق الإنسان أو العمليات التركية العابرة للحدود كمبررات، قد ولى.

وأضاف ديميرتاش في تقييم نشره موقع قناة "NTV" الإخبارية التركية، أن ألمانيا برهنت بموافقتها أولاً على بيع الصواريخ التي تحتاجها البحرية التركية العام الماضي، ثم هذا العام على بيع طائرات "يوروفايتر تايفون" المقاتلة، أنها تنظر الآن إلى تركيا من منظور "استراتيجي" كما قال المستشار ميرس.

أخبار ذات علاقة

مقاتلة "يوروفايتر تايفون"

"صداع".. إسرائيل تنظر بقلق لصفقة مقاتلات "يوروفايتر تايفون" التركية

تعاون دفاعي بنكهة اقتصادية

ويساعد التعاون الدفاعي الجديد بين تركيا من جهة، وألمانيا ومن خلفها الدول الثلاث المشاركة في تصنيع المقاتلات، من جهة أخرى، في جانب منه، بتحقيق هدف اقتصادي يرغب فيه الطرفان.

وتُعد ألمانيا أحد أهم الشركاء التجاريين والمستثمرين الأجانب لدى تركيا، حيث تشارك الشركات الألمانية بشكل متزايد في مشاريع تتعلق بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، دون أن تتأثر تلك العلاقات الاقتصادية بخلافات السياسة بين البلدين.

ومن المتوقع أن توفر صفقة بيع المقاتلات إلى تركيا، آلاف الوظائف في دول التصنيع الأربع، بينما ترغب برلين وأنقرة من تعاونهما الدفاعي أن يزيد حجم المبادلات التجارية من مستوى يقارب 50 مليار دولار سنوياً إلى 60 مليار دولار في السنوات القادمة.

وقال إردوغان خلال لقاء ميرتس، إن تركيا تتمتع بفرص واسعة للتعاون مع ألمانيا، نظرًا للزخم الذي اكتسبته في قطاع الصناعات الدفاعية، وإمكانية تعزيز هذا التعاون على أساس مبدأ الربح للجميع.

تركيا خارج الاتحاد الأوروبي

ولم يثمر لقاء ميرتس وإردوغان عن تغيير في وضع أنقرة الحالي وعلاقتها بالاتحاد الأوروبي التي لا تخفي رغبتها في الانضمام إليه بعضوية كاملة بينما تطرح ألمانيا نماذج تعاون وشراكات أقل من العضوية الكاملة.

وأبدى أردوغان أمام ميرتس، رغبة بلاده مجدداً في الانضمام للاتحاد الأوروبي، وقال إن بلاده تستطيع تحقيق تقدم كبير في وقت قصير للغاية إذا قوبلت إرادتها تلك باستجابة أوروبية، مضيفاً أن تركيا ليست دولةً عادية، بل دولة ديمقراطية.

ورد ميرتس أنه وبلاده يريدان أن تكون تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً: "نريد مواصلة تمهيد الطريق نحو أوروبا"، في إشارة إلى شروط الانضمام الواردة في "معايير كوبنهاغن" التي ترى برلين أن أنقرة لا تحققها حالياً.

وتتعلق تلك المعايير أو الشروط الأوروبية التي أُقرت عام 1993 بتحقيق استقرار المؤسسات التي تضمن الديمقراطية، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، واحترام وحماية حقوق الأقليات، والالتزام بأهداف الاتحاد السياسية والاقتصادية والنقدية، وشروط أخرى.

أخبار ذات علاقة

مقاتلة يوروفايتر تايفون

صفقة يوروفايتر.. أنقرة تعزز قدراتها من بوابة أوكرانيا

براغماتية ومصالح

ولم يُعق رفض قبول تركيا في الاتحاد الأوربي، البلدين من استمرار علاقتهما طوال السنوات الماضية رغم الخلافات التي تظهر في ملفات أخرى، حيث تنظر برلين لأنقرة على أنها شريك وليس حليفا استراتيجيا كاملا.

وعلى الجانب الآخر، تنتهج تركيا براغماتية تتيح لها علاقات واتفاقات مع الجميع، بما في ذلك واشنطن وموسكو وكييف وحركة حماس وإسرائيل التي لم تقطع علاقتها الدبلوماسية معها بشكل نهائي رغم توتر علاقة البلدين بسبب الحرب على غزة.

وبرز ذلك النهج السياسي عندما أعلنا توافقهما على سياسة واحدة في الملف السوري، بينما تدعم ألمانيا إسرائيل بشكل لا تخفي أنقرة غضبها منه، لكنه لا يؤثر على تعزيز العلاقات في الملفات التوافقية.

وفي الملف الروسي الأوكراني، تعوّل برلين على دور تركي في إنهاء الحرب بين البلدين عبر إجبار موسكو على التفاوض، حيث تنظر ألمانيا إلى روسيا على أنها تهديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتنظر لصفقة بيع مقاتلات أوروبية لتركيا على أنها تعزيز لأمن دول الحلف وأوروبا.

كما تسعى ألمانيا وفق ما قال مستشارها ميرتس في أنقرة، إلى مساعٍ وتنسيق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، لفرض عقوبات على روسيا.

وتزوّد تركيا التي تمتلك صناعة متقدمة في الطيران المسير، كييف بأصناف من طائرات مسيرة في حربها مع روسيا، وتمتلك في الوقت ذاته قنوات تواصل مع روسيا التي لا سبيل لسفنها كي تغادر البحر الأسود سوى المرور في مضيق البوسفور التركي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC