يشير قرار واشنطن منع العراق من استيراد الغاز التركماني عبر صفقة تبادل مع إيران إلى استراتيجية أمريكية دقيقة تهدف إلى زيادة الضغوط على طهران، دون توجيه عقوبات مباشرة إلى بغداد أو عشق آباد.
ورغم أن القرار يمثل تحديًا عمليًا لبغداد من حيث تأمين احتياجاتها الطاقية، فإنه قد يعيد التركيز على بدائل استراتيجية طويلة المدى، أبرزها مشروع بناء خط أنابيب عبر بحر قزوين لنقل الغاز التركماني مباشرة إلى أوروبا.
وبحسب صحيفة "يوراسيا ريفيو"، يكشف هذا التطور عن التوازن الدقيق الذي تحاول الولايات المتحدة الحفاظ عليه بين استهداف إيران اقتصاديًا والسيطرة على تداعيات هذه السياسات على الحلفاء الإقليميين.
ويعاني العراق نقصًا حادًا في الكهرباء، وقد وفّر استيراد الغاز عبر إيران حلًا مؤقتًا، في الوقت الذي يعمل فيه المسؤولون العراقيون على استغلال احتياطيات الغاز غير المستغلة، والتي تقع في مناطق خارج السيطرة الكاملة لبغداد.
في المقابل، لن يكون التأثير على تركمانستان بالغ الخطورة، إذ تمثل خمسة مليارات متر مكعب سنويًا مجرد جزء صغير من صادراتها البالغة 34 مليار متر مكعب إلى الصين.
مع ذلك، قد يثير القرار الأمريكي تساؤلات في عشق آباد حول استراتيجيات التصدير المستقبلية.
تحديات الصفقات الإقليمية
تواجه تركمانستان صعوبات في تنفيذ صفقاتها مع الجيران، لا سيما الصفقة المعلقة مع تركيا التي تتضمن اتفاقية تبادل عبر إيران، إذ أشار الرئيس التنفيذي لشركة تركمان غاز إلى تعليقها مؤقتًا لأسباب فنية غير محددة.
وأظهرت تجارب سابقة مثل الاتفاقية مع أذربيجان في 2022 صعوبة تحديد أسعار الغاز، فقد فشلت الأطراف في الاتفاق على التسعير.
وبناءً على ذلك، قد تضطر تركمانستان لإعادة النظر في التركيز على الصادرات الإقليمية عبر البنية التحتية المحلية في إيران، مع تشجيع الاستثمار في مسارات تصدير الغاز التي تستهدف أوروبا.
وأكّد وزير خارجية تركمانستان، رشيد ميريدوف، التزام بلاده بمفهوم "طريق الحرير" لنقل الغاز من آسيا الوسطى إلى أوروبا عبر بحر قزوين وجنوب القوقاز، ما يسلط الضوء على التحول نحو أسواق أوروبية أكبر.
خطوط الأنابيب عبر بحر قزوين
تمثل أذربيجان عنصرًا أساسيًا في أي مشروع لتصدير الغاز التركماني إلى أوروبا، إذ ستمر الخطوط المحتملة عبر أراضيها.
ورغم أن باكو كانت تركز على تطوير احتياطياتها المحلية، فإن إنتاج الغاز من حقل شاه دنيز وحقل أذربيجان-جيراق-غونشلي لم يلبِّ الاحتياجات المتوقعة، ما يفتح المجال للغاز التركماني لتعزيز قدرة التصدير الأوروبية.
إذا وافقت جميع الأطراف على إنشاء خط أنابيب عبر بحر قزوين، فإن المستثمرين سيكونون معنيين بتمويل إنشائه وتوسعة القدرة الحالية للخطوط العابرة لأذربيجان وجورجيا وتركيا.
كما يمكن النظر في خيار بناء خط عبر الممر البري الأرمني الأذربيجاني المعروف باسم "طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين"، ما قد يضمن تدفق الغاز التركماني إلى الأسواق الأوروبية ويعزز دور آسيا الوسطى في أمن الطاقة الأوروبي.