يواجه برنامج سري تشيكي يعدّ واحداً من أبرز الدعامات العسكرية لكييف، حيث يجوب العالم بحثاً عن الذخيرة لدعم القوات الأوكرانية، خطراً وجودياً قد يؤدي إلى انهياره مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في جمهورية التشيك.
ويُتوقع فوز حزب المعارضة الشعبوي "أنو"، الذي تعهّد بإنهاء البرنامج الذي أسهم في منع سقوط مناطق حيوية مثل دونباس، ويعتمد على سرية تامة، لكنه أصبح سلاحاً ذا حدين أمام الناخبين المتعبين اقتصادياً، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وبدأت المبادرة التشيكية أوائل عام 2024، عندما نفدت الذخيرة في أوكرانيا، خاصة قذائف المدفعية عيار 155 ملم القياسية لحلف الناتو، ففي ذلك الوقت، كانت المساعدات الأمريكية محجوبة في الكونغرس، والترسانات الأوروبية منخفضة بعد عامين من التبرعات، بينما كانت روسيا تتقدم ميدانياً.
استغلت جمهورية التشيك روابطها التاريخية من عصر الاتحاد السوفيتي للاتصال سراً بدول تحافظ على علاقات مع روسيا، لشراء الذخيرة دون الكشف عن هويتها لتجنب غضب موسكو، إذ قال أليس فيتيكا، مسؤول كبير في وزارة الدفاع التشيكية: "بدأت المصادر تعمل مثل الدبابير على الحلوى"، مشيراً إلى الإقبال السريع على الصفقات.
وتم تمويل البرنامج بمليارات الدولارات من تبرعات دول الناتو، مع مساهمة تشيكية ضئيلة نسبياً، تقدر بحوالي 41 مليون دولار حتى يونيو 2024، وفق إعلان رئيس الوزراء بيتر فيالا، إذ اشترت شركات أسلحة تشيكية الذخيرة من إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، تأكدت من صلاحيتها، ثم شحنتها إلى أوكرانيا.
وبلغ إجمالي الذخيرة المشتراة أكثر من 2.5 مليون قطعة، مما ساعد كييف على الحفاظ على خطوط المواجهة. أكد وزير الخارجية التشيكي، يان ليبافسكي، في منتدى براغ: "لولا هذه المبادرة، لكانت أوكرانيا قد خسرت دونباس بالفعل". كما وصفها مارك روته، أمين عام الناتو، بـ"المبادرة الفريدة" الضرورية لدعم أوكرانيا.
ورغم نجاحها، أثارت السرية تساؤلات حول الشرعية والكلفة، إذ لا يُكشف عن مصادر الذخيرة أو المبالغ الدقيقة، مما دفع حزب "أنو" إلى انتقادها بشدة. وقال ياروسلاف بزوخ، عضو البرلمان الأوروبي عن الحزب: "لا نعرف كم علينا أن ندفع مقابله، أو حتى إن كان سيذهب مباشرةً إلى أوكرانيا".
في حين سخر الحزب من "الصفقات المشبوهة"، مشيراً إلى ارتفاع الأسعار ومخاوف الفساد، رغم نفي الشركات التشيكية لذلك. وقدّر يان جيريس، مسؤول سابق في الدفاع، الربح الصافي للشركات بنحو 3% فقط، بينما أكد فيتيكا أن "الربح متواضع".
واقترح حزب "أنو" نقل البرنامج إلى مقر الناتو في بروكسل لضمان الشفافية، لكن المنتقدين يحذرون من أن ذلك قد يخيف البائعين، مما يعرضهم لغضب روسيا. وقال كاميل جراند، مسؤول سابق في الناتو، إن النموذج التشيكي "أكثر مرونة وكفاءة" من اتفاق جماعي يتطلب إجماعاً. من دون البرنامج، ستكافح أوكرانيا لتلبية احتياجاتها، إذ تطلق نحو 15 ألف طلقة يومياً.
رغم زيادة الإنتاج الأوروبي إلى مليوني طلقة بحلول 2025، كما قال روته، فإنها لن تكفي إلا لأربعة أشهر، في حين أشار خبراء إلى دور حملات تضليل روسية في تأجيج المشاعر المعادية لأوكرانيا عبر وسائل التواصل.
مع اقتراب الانتخابات، المتوقعة في 5 أكتوبر/ تشرين الأول، قد تغيّر التوغلات الروسية الأخيرة، مثل طائرات دون طيار فوق بولندا ورومانيا وإستونيا، الديناميكيات، محوّلة الناخبين نحو الحكومة السائدة.