رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
اعتبر خبراء في الشأن الأوروبي وشؤون القوقاز أن المساعي المتزايدة للحزب الحاكم في جورجيا لحظر أبرز قوى المعارضة قد تشكل "ضربة حاسمة" لطموح تبليسي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتضع البلاد على مسار سياسي أقرب إلى موسكو منه إلى بروكسل.
ويرى الخبراء أن الاتحاد الأوروبي سيضطر، في حال استمرار هذه الإجراءات، إلى تجميد أو تعليق مسار الانضمام، لأن المعايير السياسية للديمقراطية والتعددية الحزبية لا تقل أهمية عن القوانين الاقتصادية والإصلاحات الإدارية.
وتشهد الساحة السياسية في جورجيا توترًا غير مسبوق، بعد تحركات يقودها حزب "الحلم الجورجي" تستهدف حظر الأحزاب المعارضة التي تتهمها الحكومة بتلقي دعم من قوى أجنبية "معادية للدولة".
وهذه الإجراءات أثارت عاصفة انتقادات داخلية ودولية، وسط تحذيرات من أن البلاد تتجه نحو نموذج سياسي مغلق، على غرار ما حدث في روسيا خلال العقد الأخير.
وفي بيان شديد اللهجة، حذرت المقررتان الخاصتان بالملف الجورجي في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، إديت إستريلا وسابينا تشوديتش، من "عودة أدوات القمع السياسي" و"تهديد التعددية"، ودعتا الحكومة الجورجية إلى التراجع عن الخطوة وفتح حوار مع المعارضة، معتبرتين أن "الديمقراطية لا تُدار عبر إقصاء الخصوم".
الاتحاد الأوروبي قد يجمد المسار بالكامل
وقالت ماري دومولان، مديرة برنامج أوروبا الشرقية وروسيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية لـ"إرم نيوز" إن أي خطوة ضد التعددية السياسية ستعتبر انتهاكًا مباشرًا لمعايير الانضمام، خصوصًا ما يتعلق بحرية النشاط الحزبي واستقلال القضاء والمجتمع المدني.
وأضافت دومولان أن الخطوة قد تمنح الاتحاد الأوروبي مبررًا جاهزًا لتعليق أو تجميد ملف جورجيا لسنوات، في وقت كانت البلاد تعوّل على تقارير المفوضية الأوروبية للحصول على الضوء الأخضر لبدء مفاوضات الانضمام.
ورأت أن بروكسل "لا يمكنها القبول بدولة تسعى للانضمام للاتحاد بينما تقمع المعارضة وتضيّق على الإعلام”، مشيرًا إلى أن ملف الانضمام يرتبط بـ “جودة النظام الديمقراطي وليس فقط الموقع الجغرافي"
ملامح انزلاق نحو موسكو
وأضافت أن السلوك السياسي للحزب الحاكم يتزامن مع خطاب متشدد ضد المنظمات الأوروبية والغربية، وهو ما يثير مخاوف من انقلاب في الاتجاه الاستراتيجي لجورجيا نحو روسيا، خاصة بعد الحرب في أوكرانيا وتراجع النفوذ الغربي في جنوب القوقاز.
واعتبرت أن الحكومة تحاول "السيطرة على المشهد السياسي بالكامل قبل الانتخابات المقبلة"، لضمان بقاء الحزب الحاكم في السلطة، حتى لو كلّف الأمر خسارة فرص تاريخية كانت تبليسي قريبة منها.
تبليسي تقترب من النموذج الروسي
من جانبه، أوضح الخبير الفرنسي توما غومار، المدير العام للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية لـ"إرم نيوز"، أن الخطوة تحمل "دلالة سياسية واضحة". وأضاف أن "حظر المعارضة هو جوهر النموذج الروسي الذي يحاول الحزب الحاكم نسخه. هناك انزلاق تدريجي، لكنّ وتيرته تتسارع. هذا يضع جورجيا على مسار تناقض جذري مع شروط الانضمام للاتحاد الأوروبي."
وبحسب غومار، فإن الاتحاد الأوروبي "لن يقبل التفاوض مع حكومة تُقصي بالقانون القوى المعارضة"، مشيرًا إلى أن أي إجراءات من هذا النوع ستؤدي إلى تجميد ملف الانضمام وربما فرض عقوبات على شخصيات سياسية في تبليسي.
الخطر ليس على المعارضة فقط.. بل على المجتمع الجورجي
وصرحت سيلين مارانجيه، الباحثة في معهد البحث الاستراتيجي التابع لوزارة الدفاع الفرنسية لـ"إرم نيوز"، بأن القرار لا يستهدف الأحزاب فقط، بل يسعى إلى "إسكات المجال العام"، موضحة: "عندما يبدأ تجريم المعارضة، يلي ذلك تجريم الإعلام والمنظمات المدنية.
وتابعت: "إذا عبرت جورجيا هذه العتبة، فسنكون أمام نظام سلطوي كامل الأركان، لا مكان فيه للمعارضة البرلمانية أو الشارع الديمقراطي".
وأضافت مارانجيه أن موسكو "ستكون المستفيد الأكبر"، لأن "تفكيك المعارضة سيربط جورجيا بالمجال الروسي سياسيًا وأمنيًا، ويفقدها أوراقها مع الاتحاد الأوروبي".
المعارضة: معركة وجود
في المقابل، تؤكد قوى المعارضة أنها تواجه محاولة “خنق سياسي”، معتبرة أن حظرها هو إعلان رسمي للتخلي عن المسار الأوروبي.
وتشير استطلاعات رأي محلية إلى أن الشارع الجورجي، خصوصًا الشباب، يفضّل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على العودة إلى الفضاء الروسي، ما يجعل المواجهة السياسية المقبلة أعنف من أي وقت مضى.