logo
العالم

يواصل "نزيف الشعبية".. هل يكتب ستارمر نهاية عصر اليسار الأوروبي؟

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمرالمصدر: رويترز

قبل عام، دخل رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إلى داونينغ ستريت بأغلبية كبيرة، واعداً بأن زعيماً عملياً لحزب يسار الوسط البريطاني، يمكن أن يكون بمثابة "ترياق" لعالم من الشعبوية الصاعدة.

لكن بعد عام، أدى تباطؤ النمو الاقتصادي، ومستويات التضخم الثابتة، وتزايد الهجرة غير الشرعية، إلى جانب سلسلة من العثرات التي أجبرت ستارمر على إقالة مستشاريه وحلفائه الرئيسيين، إلى إضعاف المكانة السياسية لرئيس الوزراء.

 ويسجّل ستارمر تراجعاً قياسياً في استطلاعات الرأي، حيث أظهر أحدها أن 13% فقط من البريطانيين راضون عن أدائه، وهو أدنى مستوى مسجل منذ سبعينيات القرن الماضي، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

ويتصدّر حزب "إصلاح المملكة المتحدة" الشعبوي المناهض للهجرة استطلاعات الرأي، مستغلاً فكرة انهيار الدولة البريطانية، ومشيراً إلى أن عدداً قياسياً من طالبي اللجوء يعبرون القناة الإنجليزية على متن قوارب صغيرة. 

ومن غير المرجّح أن تتحسن الصورة قريباً، إذ تستعد الحكومة لزيادة الضرائب هذا الخريف لسد عجز الميزانية المتزايد مع استمرار ارتفاع تكاليف الاقتراض.

ويقول مسؤولو الحكومة إنه لا يزال أمامهم أربع سنوات أخرى لتغيير الأمور، إذ لا داعي لإجراء انتخابات قبل عام 2029، معتبرين أن إصلاح وضع بريطانيا التي تعاني من صدمات الخروج من الاتحاد الأوروبي والجائحة والحرب في أوكرانيا سيستغرق وقتاً. 

أخبار ذات علاقة

كير ستارمر

مع انعقاد مؤتمر حزب العمال.. ستارمر يتعهد بالتصدي لليمين المتطرف

 لكن أعضاء حزب العمال يتذمرون سراً من أنه إذا كانت نتائج الانتخابات المحلية في ويلز واسكتلندا في مايو المقبل وخيمة، فقد يؤدّي ذلك إلى تحدٍّ محتمل للقيادة. وقال بيتر كايل، وزير الدولة للأعمال والتجارة: "لم يقل أحد إن تشكيل الحكومة سيكون سهلاً، وأعلم أننا أحياناً جعلنا الأمر يبدو صعباً بلا داعٍ".

نهاية عصر الخيارات السهلة

بالنسبة للسياسيين في جميع أنحاء أوروبا، يقترب عصر الخيارات السياسية السهلة من نهايته، ويواجه ستارمر خطر أن يصبح ضحية مبكرة لهذا التوجه الجديد، فقد ارتفعت تكاليف الاقتراض الحكومي بشكل حاد بالتزامن مع ارتفاع أسعار الفائدة في السنوات القليلة الماضية. 

كما تتعرض الدول الأوروبية لضغوط لزيادة الإنفاق على الدفاع لمواجهة روسيا، وعلى الرعاية الصحية لسكانها المسنين، فيما يرى خبراء اقتصاديون أن هذا يعني زيادة الضرائب، وخفض الإنفاق على الرعاية الاجتماعية، أو كليهما.

وهذا العام، حاول ستارمر إقرار إصلاحات متواضعة في الرعاية الاجتماعية من شأنها إبطاء نمو الإنفاق خلال السنوات القليلة المقبلة، لكنّه تراجع بعد سلسلة من الانتفاضات من حزبه. ولم يترك ذلك أمامه سوى زيادة الضرائب، مما سيضر بالاقتصاد المتصلب أصلاً.

وتُظهر استطلاعات الرأي أن نسبة التأييد لحزب العمال قد انخفضت من 34% عند فوزه بالسلطة العام الماضي إلى ما يزيد قليلاً على 20% حالياً. ويتقدم حزب "الإصلاح في المملكة المتحدة" الآن بتسع نقاط على حزب العمال. أما حزب المحافظين، حزب المعارضة الرسمي، فيتأخر عنه بفارق كبير في المركز الثالث. 

وسيُركز ستارمر على كيفية استهداف نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح الاجتماعي، لكن مشكلة ستارمر هي أن ائتلافه الهش من ناخبي حزب العمال لا يتجهون نحو حزب واحد فقط، بل ينقسمون إلى بدائل عبر الطيف السياسي.

يقول جون كورتيس، خبير استطلاعات الرأي إن ائتلافه "مشتت في كل مكان"، فمنذ انتخابات العام الماضي، صوّت حوالي 1 من كل 8 من ناخبيه لحزب الإصلاح، مضيفاً أن النسبة نفسها تقريباً ذهبت إلى الديمقراطيين الليبراليين الوسطيين وحزب الخضر، ما يعني أن على حزب العمال استعادة دعم كلا طرفي الطيف السياسي لتعزيز أغلبيته.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC