كشفت إدانة الرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو وإيداعه السجن، أن البرازيل استطاعت تحدّي ضغوط الرئيس الأمريكي ترامب، وفرض سيادتها، وإجبار واشنطن في النهاية على التراجع والتصالح مع الرئيس الحالي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، في دليل واضح على تآكل قدرة الولايات المتحدة على فرض إرادتها على حلفائها.
ويرى الخبراء أن التطورات الأخيرة في البرازيل جاءت بعد أن حاول ترامب مرارًا التدخل لمنع اعتقال حليفه القديم بولسونارو، وفشل في ذلك؛ ففي يوليو الماضي، أرسل ترامب رسالة غاضبة إلى الرئيس لولا دا سيلفا، مطالبًا بإلغاء التهم الموجهة إلى بولسونارو بتهمة محاولة انقلاب، كما فرض رسومًا جمركية بنسبة 50% على الصادرات البرازيلية وفرض عقوبات على قاضٍ بالمحكمة العليا، في محاولة مباشرة للتأثير على القضاء البرازيلي.
غير أن البرازيل صمدت؛ إذ أمر قاضي المحكمة العليا المُشرف على القضية ألكسندر دي مورايس، باعتقال بولسونارو بعد أن حاول العبث بسوار المراقبة الإلكترونية الخاص به، واعتبره مُعرّضًا لخطر الهروب، مُشيرًا إلى أنه كان يسكن بالقرب من السفارة الأمريكية، حيث كان بإمكانه طلب اللجوء.
ويعتقد العديد من المحللين أن المحكمة العليا البرازيلية أصدرت حكمًا أطول على بولسونارو رغم الضغوط الأمريكية الكبيرة، كما يواجه إدواردو، نجل بولسونارو، وأحد أبرز أعضاء الكونغرس البرازيلي وخليفة سياسي محتمل لوالده، حاليًا تهمًا جنائية خاصة به بسبب جهوده للضغط على البيت الأبيض بشأن هذه القضية.
وفي المقابل، اضطر ترامب إلى إعادة ترتيب أولوياته؛ فبحسب "نيويورك تايمز"، بدأ بناء علاقة ودية مع لولا، بعد اعتقال بولسونارو، وتراجع عن الرسوم الجمركية على اللحوم والقهوة البرازيلية، في محاولة لتصحيح ما أثَّر على الأسعار في الولايات المتحدة، كما أظهرت اللقاءات بين ترامب ولولا تحوُّل واشنطن نحو التعامل مع الحكومة البرازيلية الحالية، متجاهلة حليف الأمس، وهو ما يمثل إقرارًا ضمنيًا بفشل ضغوطه السابقة.
ويعتقد مراقبون أن قضية بولسونارو ليست مجرد قصة عن اعتقال سياسي، بل أصبحت دليلًا واضحًا على تآكل القدرة الأمريكية على فرض إرادتها على حلفائها، وعلى قوة المؤسسات البرازيلية في حماية سيادتها والحفاظ على استقلال القرار الوطني، رغم الضغوط الخارجية الكبيرة.