هدنة ترامب في أوكرانيا.. فرصة للتفاوض أم لتحقيق مكاسب سياسية؟

دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سبق أن أبدى مواقف مؤيدة لروسيا في مراحل سابقة، إلى هدنة غير مشروطة لمدة 30 يومًا، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار لفتح نافذة تفاوضية بين موسكو وكييف. 

وقال ترامب، في مقابلة تلفزيونية، إنّه آن الأوان لأن تتوقف المعارك في أوكرانيا فورًا ومن دون شروط مسبقة، لمدة 30 يومًا على الأقل، مشددًا على أن هذه الفترة كافية لتهدئة الوضع وإقامة حوار جاد يفضي إلى اتفاق طويل الأمد.

وصرّح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، السبت، بأن روسيا ستدرس مقترح وقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا، مؤكدًا أن لروسيا موقفها الخاص بشأن هذه المسألة.

وعلى الرغم من إعلان الكرملين استعداده لدراسة هذه الدعوة لوقف إطلاق النار، إلا أن تحليل الخبراء يشير إلى احتمال تجاهل موسكو لدعوة ترامب، ما لم تضمن الولايات المتحدة تسهيلات أمنية أو تسويات تحمي المكاسب الروسية على الأرض.

وأكد الخبراء أن الرئيس الأمريكي بدأ يغيّر موقفه من الحرب الروسية الأوكرانية، متجهًا نحو دعم كييف بعد فترة من الانحياز النسبي لروسيا، خاصة أن هدنة طويلة لمدة 30 يومًا قد تتيح للطرفين فرصة للتفاوض الجاد.

تحول دفة ترامب

وقال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، الدكتور نبيل رشوان، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ يغيّر مواقفه تدريجيًا تجاه الحرب الروسية الأوكرانية، فبعد أن كانت تصريحاته تميل بوضوح لصالح موسكو، بات يميل حاليًا إلى كييف.

وأضاف، في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز"، أن الرئيس الأمريكي يبدو مقتنعًا بأن هدنة الثلاثة أيام لن تكون مجدية ما لم تقترن باتفاق طويل الأمد، مرجحًا أن تكون هدنة لمدة 30 يومًا كافية لفتح باب المفاوضات بين الطرفين والوصول إلى نقطة التقاء محتملة.

وأوضح رشوان أن استمرار الحرب يشكّل استنزافًا مرهقًا للطرفين، لا سيما في ظل التهديدات الأمريكية بفرض مزيد من العقوبات على روسيا، خاصة في ملف النفط، مشيرًا إلى أن توجه "أوبك بلس" نحو زيادة الإنتاج قد يؤدي إلى خفض الأسعار، ما يزيد من الضغوط على الاقتصاد الروسي.

ضمانات أمريكية

من جانبه، رأى المحلل السياسي المتخصص في الشأن الروسي، الدكتور سمير أيوب، أن وقف إطلاق النار من دون التطرق إلى الأسباب الجذرية للصراع لن يكون مقبولًا من الجانب الروسي ما لم يترافق مع ضمانات أمريكية جدية للانخراط في مفاوضات شاملة.

وأكد، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، أن أي هدنة تهدف فقط إلى تقديم ترامب كصاحب إنجاز انتخابي، لن تساهم في إنهاء النزاع أو وقف نزيف الدم المستمر.

مكاسب سياسية  

وتساءل أيوب: "إذا كان ترامب يأسف لسقوط ضحايا الحرب في أوكرانيا، فلماذا لم يُبدِ الأسف نفسه لسقوط آلاف الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، والذي يجري بدعم ومباركة أمريكية صريحة؟" وفق تعبيره.

واعتبر المحلل السياسي أن ترامب يسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية داخلية من دون أن ينجز أهدافًا استراتيجية، في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة تزويد كييف بالسلاح وقطع الغيار لطائرات F-16، استعدادًا لهجمات مضادة ضد روسيا.

وأشار إلى أن التصريحات المؤيدة لموسكو التي أطلقها ترامب في بداية الحرب كانت تهدف إلى ابتزاز كييف سياسيًا واقتصاديًا، لا سيما في ملف المعادن النادرة.

وشدد أيوب على أن الحديث عن وقف إطلاق النار لا يمكن أن يكون جادًا في ظل الدعم الغربي المستمر للنظام الأوكراني، متهمًا الولايات المتحدة والدول الأوروبية بتغذية النزعة القومية المتطرفة في أوكرانيا.