logo
العالم

سانتياغو على مفترق طرق.. انتخابات تشيلي تمهد لحقبة يمينية غير مسبوقة

المرشح اليميني المتطرف للرئاسة في تشيلي خوسيه أنطونيو كاستالمصدر: La Izquierda Diario

شهدت تشيلي تحوّلاً سياسيًا واجتماعيًا حادًا؛ إذ إن الانتخابات الرئاسية المقبلة، تضع البلاد على مفترق طرق تاريخي بين استمرار الديمقراطية المعتدلة أو الانزلاق نحو يمين متطرف، يدعو إلى الأمن والنظام على حساب  الإصلاحات الاجتماعية والسياسية. 

أخبار ذات علاقة

رئيس تشيلي غابرييل بوريك

توقعات بقطع العلاقات.. تشيلي تتخذ خطوة تصعيدية ضد إسرائيل

وبحسب "فورين بوليسي"، فإن هذه الانتخابات تأتي في وقت يتزايد فيه الإحباط الشعبي من الأداء الاقتصادي والاجتماعي للحكومة الحالية؛ ما يفتح الباب أمام المرشح اليميني المتطرف خوسيه أنطونيو كاست، الذي شبَّهه كثيرون بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليكون الخيار الأقوى في الجولة الثانية، حتى لو فازت مرشحة الحزب الشيوعي جانيت غارا، بالتصويت الأولي الضيق.

ويرى محللون أن موقف الرئيس غابرييل بوريك أصبح ضعيفًا منذ استفتاء عام 2021 حول تعديل الدستور الذي يعود إلى عهد الديكتاتور أوغوستو بينوشيه، حين صوتت الأغلبية الساحقة لصالح بدء عملية الإصلاح الدستوري، لكنها رفضت كلا النسختين المقترحتين، التقدمية ثم المحافظة؛ ما جعل البلاد عرضة لتقلبات التيار اليميني المدعوم دوليًا من تحالفات مثل ترامب في أمريكا اللاتينية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، شهدت تشيلي ضعفًا ملحوظًا في النمو، وتفاقمت الضغوط المعيشية مدفوعةً بارتفاع التضخم، الذي وصل في بداية ولاية بوريك إلى مستويات غير مسبوقة منذ أوائل التسعينيات؛ ما زاد مشاعر السخط بين المواطنين، كما عبّر نحو خمس السكان عن رغبتهم في الهجرة، في مؤشر على فقدان الثقة بالمستقبل الاقتصادي والاجتماعي.

من ناحية أخرى، تصاعدت المخاوف الأمنية بسبب ارتفاع جرائم العنف المرتبطة بالجريمة المنظمة، مع ازدياد حالات التهريب عبر الحدود الشمالية، بما في ذلك تهريب البشر والمخدرات، كما هزّت سلسلة من جرائم القتل البشعة البلاد؛ ما أعطى زخماً لحملة كاست التي ركزت على "الحرب على الجريمة المنظمة" وبناء سجون بمواصفات أمنية قصوى، على غرار مراكز الاحتجاز في السلفادور، فضلاً عن تشديد القيود على الهجرة، وتعهداته باعتقال وترحيل جميع المهاجرين غير النظاميين، وبناء جدار على الحدود مع بوليفيا.

بدوره يسعى كاست لخلق تحالف وثيق مع ترامب، ووضع حد لإصلاحات اليسار الاجتماعية والاقتصادية، مؤكدًا على الأمن والنظام كأولوية مطلقة، وبينما كشفت الاستطلاعات الحالية أن كاست سيكون المرشح الأوفر حظًا للفوز في الجولة الثانية، فإن نجاحه يعني خروج تشيلي عن سياسة الاعتدال والتوازن الديمقراطي التي ميزت مرحلة ما بعد الديكتاتورية؛ ما قد يؤدي إلى سياسات صارمة على مستوى الأمن والهجرة، ويزيد احتمالات تجدد الاحتجاجات الشعبية على غرار 2019 و2020، خاصة بين الشباب الليبرالي، والفئات الوسطى والفقيرة، إضافة إلى المجتمع الأصلي المابوتشي، الذي ما زال يعيش صراعات عنيفة مع الدولة.

وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن الانتخابات القادمة ستحدد مسار البلاد لعقود، ما بين الأمن والنظام من جهة، والمطالب الشعبية بالإصلاح والعدالة الاجتماعية من جهة أخرى.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC