ظهر في الصورة الجماعية للانقلابيين في غينيا بيساو رجل مدني يرتدي قبعة فيدورا جلدية ونظارة شمسية، وسط الجنود الجادين الذين أطاحوا بالرئيس عمر سيسوكو إمبالو.
بملابسه التي تشبه زي عازف جاز، وبنطال غير عسكري، بدا الرجل خارج سياق المشهد العسكري، ما أثار تساؤلات حول هويته وسبب ظهوره في الصورة.
أشار المصور باتريك ماينهاردت من وكالة فرانس برس، الذي التقط الصورة، إلى أن عدد الحاضرين كان كبيرًا، وأن الرجل ربما "اختلط بالجنود بشكل سري"، لكنه لم يلحظه في البداية.
وسائل إعلام عدة، بينها جون أفريك، تداولت الصورة على نطاق واسع، مع ملاحظات حول ما إذا كان الرجل قد أُدرج لاحقًا عبر الفوتوشوب أو الذكاء الاصطناعي.
انقلاب غامض وأزمة سياسية
سبق ظهور الرجل الغامض ساعات قليلة بعد أن أدى الجنرال هورتا نتام اليمين الدستورية رئيسًا انتقاليًا للبلاد، عقب انقلاب أوقف العملية الانتخابية عشية إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 23 نوفمبر/تشرين الثاني.
أثار الانقلاب جدلاً واسعًا، خاصة بعد منح الرئيس المخلوع عمر سيسوكو إمبالو لجوءًا مؤقتًا في السنغال بدعوة من نظيره باسيرو ديوماي فاي، قبل انتقاله إلى جمهورية الكونغو.
من جهته، صرح رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو في 28 نوفمبر بأن ما حدث "كان مُدبرًا"، مؤكدًا ضرورة استكمال العملية الانتخابية وإطلاق سراح المعتقلين، واصفًا الانقلاب بأنه "غير مسبوق" وربما دبره الرئيس نفسه.
الرجل الغامض يكشف عن نفسه
بعد تحقيقات واستشارات مع عدد من الخبراء، تبين أن الرجل الغامض هو العميد أرماندو دا كوستا مارنا، الذي عيّنه الرئيس السابق إمبالو في مارس 2023 مديرًا عامًا لأجهزة الاستخبارات والأمن، خلفًا للعميد سيلسو دي كارفالو.
في ظروف أخرى، قد يكون هذا الزي المدني البسيط، الشبيه بالتمويه، وسيلة مناسبة لاختلاط جاسوس بارع مع الناس دون لفت الأنظار.
لكن في الصورة الجماعية للانقلابيين، وبوجود ممثلي المجلس العسكري والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بدا الرجل وكأنه "فورست غامب بيساو"، تائهًا على خشبة المسرح الخطأ، وهو ما أثار فضول المراقبين.
صاحبت صورة الرجل الغامض أحداث انقلاب غينيا بيساو، وهي ليست مجرد لقطة فوتوغرافية عابرة، بل تعكس تعقيدات الوضع السياسي والأمني في البلاد، حيث يظهر تداخل الجنود الرسميين، الشخصيات الاستخباراتية، والانقلابيين، مع تباين الأدوار والزي الرسمي.
ويسلّط الكشف عن هوية العميد مارنا الضوء على دور الاستخبارات في المشهد السياسي المتوتر، ويثير تساؤلات حول تحركات الشخصيات الأمنية خلال الأزمات والانقلابات.