يشير انتخاب ساناي تاكايتشي كأول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في اليابان إلى تحول رمزي واستراتيجي داخل الحزب الليبرالي الديمقراطي، حيث تمثل تاكايتشي امتدادًا للفصيل المحافظ والمتشدد الذي شكّله سلفها شينزو آبي.
ويعكس هذا التحول عودة نهج آبي في السياسة الخارجية والاقتصادية، مع التركيز على تعزيز النفوذ الياباني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وتوطيد علاقات وثيقة مع الهند في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والطاقة، وفق مجلة "إيست آسيا فورم".
في الداخل، تواجه تاكايتشي تحديات متعلقة بالأجور والتضخم والمساواة بين الجنسين وسياسات الهجرة، لكنها تحتفظ بخبرة مهمة من عملها السابق كوزيرة للأمن الاقتصادي، ما يمنحها قدرة على تنسيق التعاون الاستراتيجي مع شركاء خارجيين.
وعلى الصعيد الخارجي، يُتوقع أن تتبع نهجًا براغماتيًّا قائمًا على المصالح، مع تعزيز القدرات الدفاعية اليابانية، وخصوصًا في مواجهة التوسع الصيني، وفتح المجال لشراكات مع الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية.
وتُعد الهند محورًا رئيسيًّا في استراتيجية تاكايتشي تجاه الأمن والاقتصاد؛ فالتعاون الدفاعي يشمل تطوير قدرات مشتركة مثل صواري الهوائيات الراديوية المجمعة، مما يعزز التكامل التقني في أنظمة الاتصالات والمراقبة البحرية.
ويمتد التعاون إلى المشاريع الصناعية الدفاعية المشتركة، بالإضافة إلى التعاون في مجال الفضاء، مثل مهمة تشاندرايان-5 القمرية المشتركة، ودعم البنية التحتية للأقمار الصناعية، وهو ما يعزز القدرات الهندية-اليابانية لتقديم خدمات فضائية موثوقة للمنطقة، بما فيها رابطة دول جنوب شرق آسيا وأفريقيا.
وعلى صعيد الطاقة، تركز تاكايتشي على تنويع مصادر الطاقة اليابانية من خلال دعم الطاقة النووية والمفاعلات المعيارية الصغيرة، ما يتيح للهند فرصًا للتعاون في البحث والتطوير ونقل التكنولوجيا.
في المقابل، يظل التعاون في الطاقة المتجددة وتقنيات المركبات الكهربائية والتخزين وربط الشبكات محدودًا، إذ إن تاكايتشي تتبنى نهجًا انتقائيًّا في الاستثمارات المتعلقة بالمناخ.
وفيما يتعلق بالموارد البشرية والهجرة، قد تثير سياسات تاكايتشي المشددة على التأشيرات بعض التحديات أمام العمالة الهندية في القطاعات التقنية والرعاية الصحية، لكنها تدعم الهجرة المستهدفة للمهنيين المهرة، ما يعزز فرص تبادل الخبرات في مجالات تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني.
وتوفر برامج التبادل السابقة بين اليابان والهند إطارًا لتنظيم هذه التحركات بما يضمن مصالح كلا البلدين.
اقتصاديًّا، من المتوقع أن يعزز نهج تاكايتشي الاستثمار الياباني في الهند، خصوصًا في قطاعات أشباه الموصلات والطاقة الخضراء والبنية التحتية والدفاع.
وبالرغم من أن الدبلوماسية الثقافية قد لا تكون أولوية، إلا أن الأساس الاستراتيجي للعلاقات مستمر، مع تركيز على الحد من النفوذ الصيني وتوسيع التعاون متعدد الأطراف من خلال المنتديات مثل المجموعة الرباعية والتدريبات العسكرية المشتركة.
ويُظهر انتخاب تاكايتشي إحياء حماس عهد آبي تجاه الهند في شكل جديد، يجمع بين التعاون التقليدي في الدفاع والطاقة وبين الابتكار في التكنولوجيا والفضاء، ما يضع العلاقات الهندية-اليابانية على مسار متين لتعزيز النفوذ الإقليمي والاستراتيجي.