طالبت الحكومة الرومانية باتخاذ إجراءات عاجلة ضد تطبيق "تيك توك"، متهمة إياه بتسهيل عملية تدخّل من طرف خارجي بهدف التلاعب بالانتخابات الرئاسية في البلاد.
وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إن هذه الأزمة تصاعدت بعد أن حقق كالين جورجيشكو، وهو مرشح متطرف موالٍ لروسيا، مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات، حيث حصل على 23% من الأصوات وتأهل إلى الجولة الثانية.
وأوضحت أن السلطات تشتبه في أن خوارزمية "تيك توك" ربما تم التلاعب بها لزيادة ظهور جورجيشكو، بهدف التأثير على الناخبين.
وبدوره، طالب مجلس الدفاع الوطني الأعلى في رومانيا، في أعقاب هذه الاتهامات باتخاذ "إجراءات طارئة" ضد "تيك توك"، بينما طلبت الهيئة الوطنية لتنظيم الاتصالات (أنكوم) من الحكومة تعليق عمل المنصة حتى إتمام التحقيقات.
وذكرت "لو فيغارو" أن المحكمة الدستورية الرومانية أمرت بإعادة فرز الأصوات في الانتخابات.
ومن جانبها، رفضت منصة "تيك توك" الاتهامات بالضلوع في هذه الأنشطة، مؤكدة أنها لم تجد أي دليل على تدخل من أطراف خارجية.
وأوضحت الشركة أنها قامت بإزالة أكثر من 66,000 حساب مزيف في رومانيا، إضافة إلى 7 ملايين إعجاب مزيف، و10 ملايين متابع مزيف بين شهري سبتمبر/ أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني. وأضافت أنها حظرت 216,000 حساب نشر رسائل مزعجة.
وعلى الرغم من هذه الإجراءات، فإن السلطات الرومانية تواصل التعبير عن قلقها بشأن دور المنصة في تعزيز حملة جورجيشكو، مشيرة إلى احتمال وجود تدخل من جهات خارجية.
وقالت الصحيفة، إن مشاركة المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي كانت محورًا رئيسًا في الاتهامات، إذ أبلغ مؤثرون رومانيون، ولا سيما في مجالات الجمال ونمط الحياة والسيارات، بتلقي أموال مقابل إنتاج مقاطع فيديو تحث على المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
وبحسب التحقيقات، لم يتم إخبار هؤلاء المؤثرين بتأييد أي مرشح بعينه، ولكن طُلب منهم استخدام هاشتاغات مرتبطة بالانتخابات الرئاسية لعام 2024.
ومع ذلك، تحولت هذه الفيديوهات بسرعة إلى منصة لتعليقات مؤيدة لجورجيشكو، ما يشير إلى أن العملية كانت تهدف إلى دفع حملته.
ويرى موجهو الاتهامات أن خوارزمية "تيك توك" قد تم التأثير عليها من خلال الكم الكبير من التفاعل مع هذه الفيديوهات، ما أدى إلى تصعيد محتوى جورجيشكو إلى واجهة المنصة.
واعترف العديد من المؤثرين الذين شاركوا في الحملة بأنهم لم يدركوا تبعات مشاركتهم، إذ أقر أحد المؤثرين، ويدعى أليكس سترميتيانو، بأنه شارك بناءً على رغبة في نشر هاشتاغات قد تجذب حسابات مزيفة، وبالتالي زيادة ظهور جورجيشكو على "تيك توك".
وبحسب الصحيفة، أثار هذا الوضع انتباه الاتحاد الأوروبي، حيث طالب البعض بفتح تحقيق بموجب قانون الخدمات الرقمية، الذي يلزم المنصات بحماية نزاهة الانتخابات.
وأعرب المشرعون الأوروبيون عن قلقهم من أن ما حدث في رومانيا قد يكون بمثابة تحذير من عمليات تلاعب مماثلة في دول أخرى بالقارة.
وفي المقابل، يعارض بعض المسؤولين الرومانيين، بمن فيهم رئيس الوزراء المنتهية ولايته مارسيال تشولاكو، فرض حظر على "تيك توك"، مشددين على ضرورة حماية حرية التعبير.
وتتعرض الحكومة لضغوط متزايدة للتحقيق في مصدر الأموال التي مولت هذه الحملة المزعومة.
ويشير الخبراء إلى أن استخدام مجموعات "تيليغرام" لتنظيم الحملات على الإنترنت يعزز من فرضية التدخل الأجنبي، إذ يُعتقد أن هناك احتمالًا كبيرًا للتدخل الروسي، ولا سيما في ظل قرب رومانيا من أوكرانيا ومولدافيا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه مع اقتراب الانتخابات التشريعية في رومانيا في الأول من ديسمبر كانون الأول، والجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 8 ديسمبر كانون الأول، من المتوقع أن تتصاعد الأزمة المتعلقة بتطبيق "تيك توك".
وبينت أنه مع استمرار التحقيقات، يبقى دور المنصة في السياسة الرومانية موضع تساؤل.
