الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
عاد نقش أثري قديم موجود في متحف إسطنبول للآثار، إلى الواجهة مجدداً خلال الأيام القليلة الماضية بعد مطالبة إسرائيلية جديدة به، قوبلت برفض من أنقرة، وباتت عنوان أحدث سجال سياسي بين البلدين.
وعثر على "نقش سلوان" أو "نقش شيلواح" في أواخر القرن التاسع عشر داخل نفق سلوان، وهو قناة مائية قديمة تقع تحت بلدة القدس القديمة، ونُقل إلى إسطنبول، حيث كانت القدس جزءا من الإمبراطورية العثمانية، وبقي هناك منذ ذلك الحين.
وبرز اسم النقش في السنوات الماضية من خلال مطالبات ومحاولات إسرائيلية لاستعادته من تركيا، إحداها كشف عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل أيام، عندما قال إنه سعى عام 1998 لاستعادة النقش خلال لقاء مع رئيس الحكومة التركية الأسبق والراحل مسعود يلماز، لكنه فشل.
وقال نتنياهو في حديثه خلال تدشين نفق أثري في سلوان، يوم الاثنين الماضي، إن النقش أحد أهم الاكتشافات الأثرية الإسرائيلية، وتابع موجهاً كلامه للرئيس التركي رجب طيب إردوغان: "هذه مدينتنا سيد إردوغان، إنها ليست مدينتك، بل مدينتنا، وستبقى دائما" وفق تعبيره.
ورد إردوغان على نتنياهو، أكثر من مرة، قائلا إن بلاده لن تعطي لوح سلوان لإسرائيل، مضيفاً من إسطنبول أمام حشد أمس الجمعة: "لن نعطي ولو حصاة واحدة تعود للقدس، فما بالك بتلك اللوحة المنقوشة".
كما رد رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، وهو حليف لإردوغان، على مطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالقول: "إن حديث نتنياهو يعكس جهله بالتاريخ"، وكلامه الذي استهدف به إردوغان "نضعه تحت أقدامنا"، وفق تعبيره.
كشفت صحيفة "جمهورييت" التركية، المحسوبة على المعارضة، أن النقش غير معروض في متحف إسطنبول حالياً، بحجة إخضاع القسم المعروض فيه للترميم منذ ثلاث سنوات وحتى الآن.
ونقل الصحفي التركي، باريش تيرك أوغلو، عن مصادر رئاسية، أن أمن النقش مسؤولية وزارة الثقافة وجهاز المخابرات الوطني (MIT).
وأضاف أن مستوى الحماية للنقش ارتفع بعد حديث نتنياهو الأخير عنه، بينما مُنع صحفي تركي آخر من الوصول للنقش أو مجرد تصويره بحالته الراهنة.
ومن غير الواضح إن كان إخفاء النقش عن الزوار كل تلك السنوات، يرتبط بإجراءات أمنية احترازية لحمايته من السرقة المفترضة، لكن أنقرة كشفت في السنوات القليلة الماضية عن تفكيك شبكات تجسس تعمل لصالح إسرائيل، وكثير من عناصرها ضبطوا في إسطنبول.
تمثل محاولة نتنياهو استعادة نقش سلوان عام 1998، واحدة من عدة محاولات مماثلة ترتبط بمكانة الحجر الذي تعتبره تل أبيب دليلاً على الوجود اليهودي القديم في مدينة القدس.
ففي عام 2007، طلب رئيس بلدية القدس، أوري لوبوليانسكي، من السفير التركي لدى إسرائيل، نامق تان، إعادة النقش، ورُفض الطلب، وتكررت المحاولة في عام 2017 عبر وزارة الثقافة الإسرائيلية.
وفي أعقاب زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ لأنقرة عام 2022، زعمت وسائل إعلام إسرائيلية أن تركيا وافقت على إعادة نقش سلوان إلى القدس، لكن أنقرة نفت ذلك سريعاً.
يعود تاريخ النقش إلى 2700 قبل الميلاد وفق تقديرات المؤرخين، ويصف في ستة سطور بالأبجدية الفينيقية، جانباً من عمليات حفر قناة مائية، وقد عثر على النقش عام 1880، وجرى نسخ نصه على حجارة أخرى، بعضها في إسرائيل حالياً، فيما الحجر الأصلي في إسطنبول.
وترى إسرائيل أن هذه القطعة الأثرية دليل على شرعية تاريخية للدولة اليهودية الحديثة، من خلال توثيق الوجود اليهودي في القدس، لكن تلك الرواية الإسرائيلية تواجه تشكيكاً حتى من علماء التاريخ الإسرائيليين أنفسهم وفق أستاذ التاريخ في جامعة "الدفاع الوطني" في تركيا، إرهان أفيونجو، والذي قال إن هناك آراءً مختلفة حول تاريخ النقش.
لم يخرج الخلاف حول نقش سلوان عن دائرة التصريحات والاتهامات المتبادلة بين المسؤولين الأتراك والإسرائيليين ووسائل الإعلام في البلدين الذين تربطهم علاقات دبلوماسية رسمية قائمة.
وبات ذلك التوتر سمة لتلك العلاقة الدبلوماسية في السنوات الماضية، وقد زاد بشكل لافت بعد حرب غزة الأخيرة قبل نحو عامين، ودفع أنقرة الشهر الماضي لإعلان إنهاء علاقاتها التجارية جميعها مع إسرائيل.