"رويترز": أمريكا لم توافق بعد على أي مساعدات لأفغانستان بعد الزلزال
حذّر خبراء في الشأن الأمريكي من أن الرئيس دونالد ترامب ماض في تصعيد حملته ضد المهاجرين، مؤكدين أنه لن يتراجع، بل يسعى لتوسيع هذه المواجهة لتشمل ولايات أخرى، مستهلا خطوته من ولاية كاليفورنيا التي باتت مسرحا رئيسا للأحداث.
وقال الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن ترامب لا يُبدي أي اهتمام بالاعتبارات الدستورية أو القانونية، بل يتعمد تأجيج الموقف من خلال التصعيد الأمني، ساعيا لتصوير المهاجرين كتهديد مباشر على الداخل الأمريكي، وذلك في إطار سعيه لتنفيذ أحد أبرز وعوده الانتخابية.
وأشاروا إلى أن نشره لقوات من مشاة البحرية والحرس الوطني في كاليفورنيا وولايات أخرى يعد تمهيدا لما قد تكون أوسع حملة ترحيل جماعي في تاريخ الولايات المتحدة، معتبرين أن ولاية كاليفورنيا، التي أصبحت ملاذا رئيسا للمهاجرين غير النظاميين، ستكون نقطة الانطلاق لهذه الحملة.
وتستند خطة ترامب إلى إبراز صور الفوضى، من حرق ممتلكات واشتباكات مع الشرطة، لتغذية السردية التي يروّج لها حول خطورة المهاجرين، لا سيما ممن يملكون سوابق جنائية، وذلك في ظل استناده إلى أحكام قضائية تسمح بترحيلهم.
ويواجه ملف الهجرة في الولايات المتحدة تعقيدات متراكمة، خصوصا مع الأرقام الضخمة المسجلة؛ إذ بلغ عدد المهاجرين في البلاد نحو 47.8 مليون في عام 2023، ويشكّلون ما نسبته 20% من القوى العاملة، فيما تُقدّر أعداد غير الموثقين بنحو 13 مليونا، بينهم نحو 11 مليونا يقيمون بصورة غير قانونية.
وتتمركز النسبة الكبرى من المهاجرين في ولايات مثل كاليفورنيا، نيويورك، وتكساس، وتتصدر المكسيك والهند والصين قائمة الدول المصدّرة للمهاجرين نحو الولايات المتحدة.
وتُعد مدينة لوس أنجلوس، التي تشهد حالياً توترا متصاعدا، مركزا رمزيا للمهاجرين، حيث يشكل المكسيكيون قرابة 47% من سكانها، فيما أصبحت نسبة البيض غير اللاتينيين فيها أقلية.
يقول الباحث في الشأن الأمريكي أحمد ياسين إن ترامب متمسك بخطوته ولن يتراجع عنها، قاصدا هذا الانفجار الأمني؛ إذ يعتبرها جزءا من تنفيذ أبرز وعوده الانتخابية، التي يرى قطاع واسع من الأمريكيين أنها ضرورية. ويستند ترامب في موقفه إلى تصوّرات متكررة عن ارتباط المهاجرين غير الشرعيين بجرائم جنائية، في ظل تزايد الدعاوى القضائية ضد أفراد من هذه الفئة خلال الفترة الأخيرة.
وأضاف ياسين في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن ترامب عنيد، ويخوض هذه المعركة ضمن خطة مدروسة لتهيئة الرأي العام الأمريكي لتقبل إجراءاته، مستغلًا مشاهد العنف والشغب، كحرق السيارات ونهب المتاجر، لعرض المهاجرين كمصدر للفوضى، تمهيدا لتصعيد قانوني واسع قد يمتد من كاليفورنيا إلى ولايات أخرى تكتظ بالمهاجرين.
ويرى ياسين أن ترامب اختار ولاية كاليفورنيا، وتحديدا مدينة لوس أنجلوس، كأرض البداية لمواجهة أزمة الهجرة، باعتبارها "مركز الثقل" للمهاجرين غير النظاميين، تمهيدا لتوسيع العملية إلى مناطق أخرى يعتبرها بؤرا مماثلة.
ويضيف أن هذه المعركة تمثل أيضًا تصفية لإرث إدارة الرئيس السابق جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، اللذين فتحا الأبواب لاستقبال أعداد غير مسبوقة من المهاجرين، ما اعتبره ترامب "الحفرة العميقة" التي ورثها عنهما.
من جهته، اعتبر الخبير في السياسات الأمريكية راضي إسماعيل أن ما يحدث من تصعيد أمني جاء دون تنسيق مع سلطات الولاية، وسط رفض صريح من حاكم كاليفورنيا، ما حوّل الأزمة إلى مواجهة مفتوحة بين الحكومة الفيدرالية والولاية.
وبيّن إسماعيل في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن غياب التنسيق فاقم الغضب الشعبي، خصوصا بعدما شملت تهديدات الترحيل أشخاصا يحملون الجنسية الأمريكية أو إقامة قانونية؛ ما زاد من التعاطف مع المهاجرين.
وأوضح أن هذا النهج أثار قلق قطاع كبير من الأسر الأمريكية التي تضم أقارب من المهاجرين الشرعيين، وهو ما فاقم من مشاعر الاحتقان، ووصل بالأحداث إلى هذه الدرجة من التصعيد.
ورغم ذلك، يرى إسماعيل أن هناك معطيات تصب في مصلحة ترامب؛ ما يعزز تمسكه بالمضي قدما في هذه المواجهة، رغم أنها تمّت خارج الأطر القانونية، بعد نشر 2000 عنصر من الحرس الوطني دون تفويض من الحاكم المحلي، وهو ما قد يفتح الباب أمام أزمة دستورية.
واختتم بالقول إن نشر قوات المارينز والحرس الوطني في كاليفورنيا وولايات أخرى لا يستهدف فقط السيطرة على المظاهرات، بل يُعدّ خطوة استباقية لتنفيذ أكبر حملة ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة، في إطار سعي ترامب لإثبات قدرته على التنفيذ وعدم التراجع، مستخدما كاليفورنيا كبوابة لانطلاق هذه الحملة، بعد أن تحولت إلى مركز رئيس للمهاجرين غير الشرعيين.