logo
العالم

يتسبب بـ"تسونامي إشعاعي".. هل يتحول "بوسيدون" الروسي إلى كابوس للغرب؟

غواصة نووية روسيةالمصدر: (أ ف ب)

بينما لا يزال الغرب يتجادل حول الصاروخ الروسي "بوريفيستنيك" المجنح، جاء الإعلان عن اختبار ناجح لطوربيد "بوسيدون" النووي ليقلب معادلة الخوف رأسًا على عقب.

وفتح إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تجربة الطوربيد فصلاً جديدًا في سباق التسلح، عنوانه: "من يملك أعماق المحيط يملك فرص البقاء".

وقبل أيام، أكد بوتين أن بلاده أجرت تجربة حقيقية تحت الماء على طوربيد لا يمكن اعتراضه، قادر على العمل حتى أعماق تصل إلى كيلومتر واحد، وبمدى يفوق 10 آلاف كيلومتر.

ولم يكن حديث الرئيس الروسي عن سلاح عادي، إذ يُقدّر طول الطوربيد بنحو 20 إلى 24 مترًا، ويتحدّث البعض عن مدى يصل إلى حوالى 10 آلاف كيلومتر وسرعات قد تتراوح بين 60 و70 عقدة في الساعة في بعض التقديرات.

أخبار ذات علاقة

محطة نووية أوكرانية

"إرهاب نووي".. أوكرانيا تتهم روسيا باستهداف منشأتي طاقة

والتسمية لم تأتِ من فراغ، خاصةً أن مسؤولي موسكو وصفوا الطوربيد بأن لديه قدرة "انتقامية" تجعل أي ضرب ساحلي مكلفًا للعدو، ليس فقط عبر تفجير نووي محلي، بل بإحداث موجات شديدة الحرارة والإشعاع تنتشر في البحر، وتلوّث السواحل، وتجعلها غير صالحة للسكن أو للاستخدام الاقتصادي لفترات طويلة.

وبحسب المراقبين، فإن فكرة توليد "تسونامي إشعاعي" هي التي غذّت وصفات دراماتيكية في الإعلام الروسي وأثارت صرخات تحذيرية في الغرب.

محرك نووي

وقال مدير مركز «جي إم سي» للدراسات، د. آصف ملحم، إن "الطوربيد الجديد (بوسيدون) لا يختلف جوهريًا عن صاروخ (بوريفيستنيك) من جهة الاعتماد على محرك نووي"، مشددًا على أن هذا المحرك يمنح منظومات من هذا النوع إمكانات مميزة مقارنة بمحركاتٍ حرارية أو كيميائية.

وكشف في تصريحاتٍ لـ"إرم نيوز" أن "التشابه بين النظامين يكمن في امتلاكهما لمحرك نووي، ما يعني إمكانية تقليص وزن الوقود؛ إذ يعطي الوقود النووي طاقة كبيرة بكميات قليلة".

وأضاف أن "المحركات التي تستخدم وقودًا حراريًا أو كيميائيًا، سواءً سائلًا أو صلبًا، تحتاج كمياتٍ كبيرة من الوقود لتحقيق مدى بعيد، ومن هنا نفهم أن تجهيز أي طوربيد أو صاروخ بمحرك نووي يجعله قادرًا على قطع مسافات بعيدة جدًا في عرض البحر وفي أعماق المحيطات".

وذكر ملحم أن "أهم ما يميّز الطوربيد قدرته على العمل في أعماق المحيطات، وهو ما يزيد من صعوبة اكتشافه"، مشيرًا إلى أن الأجسام البحرية تُكشف عادةً عبر الأمواج الصوتية، لكن كون النظام يعمل بمحركٍ نووي وبكمية وقود صغيرة، يمنحه طاقة عالية، وسكونًا نسبيًا في الضجيج والأمواج الصوتية الصادرة عنه.

ورأى أن "ذلك يسمح له بالإبحار لمسافات طويلة دون إصدار ضجيج ملحوظ، مما يصعّب كشفه وتتبع حركته".

وأشار ملحم إلى أن "سرعته العالية تزيد من صعوبة اكتشافه وتعقّب مساره، وأن المسألة الحاسمة تتمثل في منظومة التحكم والاتصال والتوجيه والملاحة بعد الإطلاق؛ فسيقطع الطوربيد مسافات بعيدة، والتحكم به قد يتم عبر الأقمار الصناعية أو عبر مراكز تحكم داخل روسيا أو في مناطق مثل القطب الشمالي".

وأضاف أن "هذه الخصائص مجتمعة تمنح الطوربيد أهمية إستراتيجية خاصة، وأن التأثير المحتمل في حال انفجاره قرب السواحل —مثلًا قرب السواحل الأمريكية— قد يتسبب في موجات تسونامي قوية تُدمر قواعد بحرية وموانئ إمداد وصيانة، وتقطع الإمدادات عن حاملات الطائرات، وتضرب نقاط الوصل اللوجستية والمستودعات والمنشآت النفطية والغازية البحرية ومرافئ بناء السفن والغواصات وغيرها من المراكز العسكرية الساحلية".

وأفاد ملحم بأن "روسيا بتطويرها هذا النوع من الطوربيدات تسعى إلى معالجة فجوة تراها بين قدراتها والقوة البحرية الأخرى، لا سيما أن التصميم يُظهر أن الطوربيد ليس مجرد سلاح نووي تقليدي يُطلق من الغواصات فحسب، بل يمكن اعتباره منظومة صاروخية تسير في الماء لا في الهواء، ما يمنحه خصائص تشغيلية مختلفة".

الأكثر غموضًا

من جهته، وصف الخبير العسكري العميد نضال زهوي طوربيد "بوسيدون" بأنه "من أكثر الأسلحة الروسية غموضًا وإثارة للجدل، وأنه يوصف أحيانًا بـ(سلاح يوم القيامة)، لأنه صُمم لتدمير البنية التحتية البحرية والساحلية، خاصة مع قدرته على الغوص إلى أعماق غير مسبوقة".

وأضاف زهوي في تصريحات لـ"إرم نيوز" أن "طوربيد بوسيدون هو سلاح غائص شبه صاروخ، مزوَّد بمحركات تحت الماء وقيادة ذاتية ورأس نووي، وهو أشبه بغواصة بلا قائد تقود نفسها بنفسها، ويمكن أن يتفاوت حجمه بحسب مداه".

وبالحديث عن المدى، قال زهوي إن "الحديث عن الأسلحة النووية عادةً ما يجعل المسألة مفتوحة من حيث المدى، بينما عملية الغوص يمكن أن تصل إلى أعماق تُقدَّر بنحو ألف متر، وهو عمق يصعب جدًا على طوربيدات أخرى الوصول إليه".

وأشار الخبير العسكري إلى أن "الطوربيد يسير بسرعات قد تصل إلى نحو 100 عقدة (أي ما يقارب 185 كيلومترًا في الساعة)، ما يجعل اعتراضه في البحر أمرًا بالغ الصعوبة، ولن تنفع معظم الطوربيدات التقليدية ضد سرعة من هذا النوع".

ولفت إلى أن "رأسه الحربي قد يكون نوويًا أو غير نووي، وأنه يمكن أن يُحدث تسونامي إشعاعياً ضخمًا قادرًا على تدمير ساحلٍ كامل مثل سواحل نيويورك أو سانتياغو، بحيث تصبح بعض السواحل معرضة للخطر في هذه الحالة".

أخبار ذات علاقة

المسيرة الأمريكية الجديدة

بقدرات خارقة.. أمريكا تكشف عن مسيرة فتاكة لمنافسة روسيا والصين (فيديو)

ورأى زهوي أن "الهدف الإستراتيجي من هذا السلاح هو تدمير القواعد البحرية وتعطيل الحياة المدنية والبنى التحتية لردع العدو عبر التهديد بتدمير شامل؛ وبالتالي يظل الطوربيد أداة ردع أكثر منه سلاحًا للاستخدام اليومي".

وأضاف أن "هذا الطوربيد يوجّه رسائل مباشرة إلى الولايات المتحدة التي تُعد قوة بحرية كبرى، لا سيما أن تهديد قدرات حاملات الطائرات والمدمرات والموانئ البحرية يمثل ضربًا لنظريات السيطرة البحرية التقليدية".

وأوضح زهوي أن "منصة إطلاقه تكون عبر غواصات مخصّصة تُعرف باسم (بيلغورد)، وأن إطلاقه قد يستلزم غواصة طوربيد كبيرة قادرة على العمل من أعماق لا تقلّ عن 500 متر، لأن الإطلاق قد يحدث من أعماق قد تصل إلى 1000 متر تحت سطح الماء".

وأشار زهوي إلى أن "الغوص إلى أعماق تصل إلى 1000 متر يجعل من الصعب اكتشاف الطوربيد أو اعتراضه بواسطة الرادارات التقليدية؛ نظرًا لانعكاسات الإشارات في بيئة ذات ضغط عالٍ ونسب ملوحة مختلفة، مبينًا أن الاكتشاف قد لا يتم إلا قبل وصوله إلى الهدف بمئات الأمتار فقط؛ ما يزيد من صعوبة استهدافه، ويجعل اعتراضه أمرًا بالغ التعقيد".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC